Friday, August 29, 2025

عشر سنوات ...عِقد من الزمن


 

حيث أني لم أخُطّ سطرا جديدا في سطورى منذ عشرة أعوام.. فلا أعلم هل ستظهر أفكارى مُبعثَرة أم سأتمكن من الانتصار على ضيقِ خُلُقى وترتيب تلك الأفكار .. لا أعلم إن كنت لاأزال أحتفظ بمَلَكة الكتابة, أم فقدتها هي الأخرى تحت عجلات الأيام .. هل اعتادت كلماتي على البقاء في قفصها الذهبى بين ضلوعى وفقدت قدرتها على التحليق, أم أنها في انتظار لحظة فتح ذلك الباب لتنعم من جديد بالحرية والانطلاق ... ولو خرجت, هل تعود من جديد بكامل إرادتها لمحبسها, أم تتركه للأبد وتأبى الرجوع؟

 لا أُنكِرُ أن ترك شيء ما لمدة طويلة يجعل استعادة ممارسته موضوعا في غاية الصعوبة, والخوف, وكأنى طفلة تحاول تعلم السير.. لا أستطيع حساب خطواتى ولا الحفاظ على توازنى , ولا أعلم إلى أين أذهب. بل لا أتذكر كيفية سرد الأحداث أو عناصر الكتابة.. كل ما أعلم يقينا أنى لم أفقده هو حبي للكتابة, واعتباري أنها مُتَنَفَّس حال الاختناق بعوادم الأيام

خشيت أن أقرأ كتاباتي السابقة في هذه المدونة... خشيت أن أُدرك كم تغيرَت أفكارى ونظرتى للحياة..وخشيت أن أشعر أني لم أعُد أنا .. أو حتى أني مازلت كما كنت ولم يغيرنى العُمر أو لم أستفِد من زيادة التجارب والخبرات ... طالما نظرت للذكريات وكأنها أشباح مخيفة, سواءً كانت تلك الذكريات سعيدة أو مؤلمة

عموما.. لِأتوكل على الله وأكتُب بعد عشر سنوات من الانقطاع .. هل أستمر أم أتوقف لعشر سنوات جديدة أو للأبد؟ لا أعلم.. لكني الآن أكتب.

وبما أني تطرّقتُ للذكريات, فأنا بطبعى لا أُفكّر كثيرا في المستقبل.. أظُنُّ بالله خيراً ولا أتوقف للتخطيط أو الإعداد للغد البعيد .. أحب عيشَ اللحظة الحالية, ولا أهتم بما يليها, والله المستعان

خلال العقد الماضي, توصلت لنتائج لم أكن لِأَعيها إلا بالتجربة ... من ضمنها, أن من أصعب تفاصيل التقدم في السن, أن تكونَ "كبيرا" في أي موقف.. الأب أو الأم في المنزل, المدير في العمل, الأكبر سِنا وسط مجموعة من الناس .. أي موقف تكون فيه أنتَ المُنتَظَر منه أخذ القرار أو حل المشكلة أو التصرف بحكمة .. أن ينظر لك الآخرون في انتظار الخلاص, بينما أنت تنظر لنفسك كشخص أصغر من أن تتحمل تلك المسئوليات, أو أنك شخصياً تحتاج النُصح والإرشاد ... جِبتَك يا عبد المعين تعينني, لقيتك يا عبد المعين عايز تتعان

بالفعل بعد سن معينة, يفقد الإنسان رغبته تماما في النقاش والجدال واللوم .. يدخل في حالة من عدم الاكتراث .. يعني كثيرا ما أرغب في مشاركة "بوست" مثلا علي "فيس بوك" أو كتابة تعليق ما, لكني أمسحه في اللحظة الأخيرة اعترافا مني بأن رأيي لا يهم أحدا ورأي الأَحَد لا يهمنى, كما أن لحظة تهوُّر أشارك فيها رأيي قد تتحول لنقاش مُرهِق لا طاقة لي به... فالطَيّب أحسن

كلما زاد النُضج, زادت معه حساسية الإنسان ومشاعره ... من قبل, كنت أكثر قدرة على التخلي, وأكثر جرأة في مواجهة مخاوفى.. وأقل حكمة في مواجهة الأمور .. وللأسف الحكمة قاتلة.. التفكير قبل أخذ الخطوات قد يبقينا في أماكننا للأبد

لا أعلم المستقبل, ولا أخشاه, ولا أفكر فيه _كما قلت_ لكنى أدعوا الله أن يأتى بالسلام والسكينة, وأن تهدأ معه الأفكار والأحداث ويخلوا من التجارب المُرهِقة أو المؤلمة .. أن يكونَ مستقبلاً سهلاً هَيّناً مليئا بالخير

 

فدوى نزار