لو اعتبرنا أن الحياة شيء هلامي الملامح غير مستقر المضمون ليس له تعريف منطقي محدد ولو اعتبرنا أن تجارب السابقين فشلت في إثبات نفسها بدليل اندثارها وعدم بقاء أي معلم من معالمها سوي مجرد أطلال تدل علي ضعف البناء وهشاشة الأساس وبالتالي فلن يمكننا البناء عليها أو محاولة إقامتها من جديد ولا حتي مجرد السير علي نهجها الذي أثبت خطأه وعدم قدرته علي الهيمنة ولو فرضنا أن لكل إنسان فكر مختلف وطريق خاص يسير فيه حسب أهوائه واختياراته الحرة الخالية من الضغوط ولو فرضنا أن المذاهب والتوجهات الحالية لاتناسب كل شخص أو بالأحري إذا وجد شخص ما شيئا يعجبه في أحد التوجهات فإنه لن يلبث إلا أن يجد ما لا يقنعه وبالتالي سيجد نفسه مخيرا بين ترك التوجه كله أو قبوله علي عيوبه ومحاولة التأقلم معه وفرض هذه العيوب علي عقله البشري صعب المراس ولو فرضنا أن معظم أصحاب التوجهات الفكرية أو الدينية أو السياسية يكتشفون بعد فترة أن مذاهبهم لم يكن لها أي أساس من الصحة ولكن يستمرون في بث سمومها للآخرين لرفضهم الاعتراف بالخطأ كطبيعة في النفس الأمارة بالسوء ولو فرضنا اتفاقنا علي أنه لا يوجد إنسان أيا كان له خط فكري واحد أوحد لا يخالطه أي فكر آخر , بمعني أنه لا يوجد إنسان ديني فقط أو سياسي فقط أو ثقافي أو فني أو أو أو , ولكن التركيبة الإنسانية المعقدة تفرض علي الإنسان التنوع في كل شيء فاليوم أتبني قضية ثقافية وغدا أدبية وبعده دينية وهكذا , وبالتالي فلا يمكن أن أحسب علي نفسي أو أحتسبها تنتمي لتيار معين لأنني بهذا أناقض الطبيعة الإنسانية المتنوعة ولو فرضنا أن حياة كل مواطن هي قطعة من الصلصال يشكلها كل فرد كما يشاء وكما يليق ويتماشي مع تفكيره وآرائه وبهذا تصبح الحياة لوحة بيضاء والإنسان رسام فطري له مطلق الحرية في شخبطة تفاصيلها لو أقررنا بصحة هذه الاعتبارات والفرضيات فكيف سيكون شكل لوحات حياتنا ؟ كيف سنرسم خطانا ؟ كيف سنسطر الفن المجرد من الشعارات الواهية والمؤثرات العبثية؟ وهل سنسعد بنتاج معارض أعمارنا أم سيشاهده الآخرون غير مكترثين بالتدقيق في خطوط اللوحات المشاركة بهذا المعرض؟ وهل سنصبح في النهاية أطلالا كما رحل عنا السابقون ؟ أم سنترك لوحات يقال عنها فيما بعد أنها رائدة الفن التجريدي التكعيبي السريالي الدنيوي ويصبح كل منا سلفادور دالي الواقعية ؟!!... سؤال يطرح نفسه
فدوى نزار
No comments:
Post a Comment