من ضمن هذه العادات أو الأفكار الرثة , والتي احتككت بها منذ بداية تعاملي مع الواقع الفعلي , بمعني توسع دائرة المحيطين بي من أسرتي الصغيرة إلي العائلة والجيران والمجتمع والناس . فمثلا , اعتدت أن أخرج مع بعض صديقاتي لقيادة الدراجات في الإجازات والمناسبات , وبعد سنوات قليلة وجدت نظرة المحيطين تتغير , ويقولون إننا كبرنا علي هذا , وبالطبع أسوأ جملة في الحياة "انتوا بنات" , وحتي هذه اللحظة لا أعرف علاقة كوننا بنات بركوب الدراجات _ رغم إن الدراجة مؤنث يعني _ , وهكذا , أصبحت الدراجة بالنسبة لي مثل العيد فلا أركبها إلا إذا ذهبنا لشقتنا في القاهرة _لأنها في التجمع الذي كان وقتها مهجورا وليس به أي سكان_ وحتي هذا أصبح بعيد المنال بسبب التوسع الجغرافي للقاهرة والزيادة السكانية التي جعلت التجمع الآن كأي مكان في القاهرة وبالطبع سكان التجمع مثل غيرهم وأدوا عقولهم في معتقل الرجعية واللا منطقية , وبالتالي وجدت نفسي في موقف عصيب من الاختيار بين ما يمليه علي عقلي من جواز قيادة الفتاة للدراجة _اللي هو لا عيب ولا حرام_ وبين رؤية المجتمع ونظرته لي _النظرة الرجعية البالية_ , طبعا ركبت دماغي لبعض الوقت ونفذت ما أقتنع به إلي أن فقدت اهتمامي بعالم الدراجات وانتهي الصراع من جانبي _ولكن بالطبع لم ينته بصفة عامة لأن المجتمع لم يتغير وأعتقد أنه لا يزال غارقا في مستنقع العنصرية_ .
أيضا من المواقف المشابهة أني كنت أمارس رياضة الكونج فو منذ أن كان عمري أربع سنوات , وفجأة وجدت الناس ينصحوني بممارسة أي رياضة أخري "حاجة بناتي" _معرفش يعني إيه رياضة بناتي واللا يمكن كان قصدهم ممارسة الرياضة المنزلية من كنس ومسح وغسيل و...و...و..._ المهم , ولله الحمد , رزقني الله بأسرة لا تفرق بين الولد والبنت , ولم يحرموني من عشقي للكونج فو , إلي أن قل الوقت وأصبح السفر من أجل الكونج فو مشقة وإهدارا لوقت المذاكرة , فتوقفت آسفة عنه _ولكني عدت له مع أول فرصة للعودة_ , وبالتالي أيضا تم عقد الهدنة الثانية بيني وبين مقصلة قتل الطموح .
المستفز في الأمر , أن الدنيا جميعها تتغير , كما تتغير معها أشكال الناس ومستوياتهم , ولكن تبقي الرجعية كما هي حِكرا علي مجتمعنا المسكين . ألم يأن الوقت بعد لأن ينفض مجتمعنا غبار الجاهلية وينظر بعين أخري للعالم , ألن يأتي اليوم الذي نفكر فيه بعقولنا قبل أن نسلك الطريق بدلا من أن نتحول لدواب ننقاد مغمضين البصر والبصائر خلف العنصرية التي تركب فوق ظهورنا .
والغريب جدا , أن كل من يفكر في الأمر سيؤيد ما أقول , ولكن مع أول احتكاك حقيقي بينه وبين الرجعية سيعيد القيد إلي عقله ويتخذ الطريق الأسهل ويقول _وهو يرفع رأسه للسماء علي أساس إنالناس ما تلاحظش خجله من نفسه ومن استسلامه للرائج بغض النظر عن اقتناعه به_ يقول "إنتي بنت".
ولأني أشكر الله كل يوم علي كوني "بنت" فإني أرد عليه بقولي "ولو" يعني مش عشان الناس رجعيين وعنصريين ها فضل حبيسة المنزل ورهينة التخلف ويبقي نفسي أجري وألعب وكل اللي أقدر عليه إني أنظر للأطفال وأقول ياريتني فضلت عيلة صغيرة بضفيرة عشان أعرف أمارس حقي الطبيعي في الانطلاق ... لأ .... بكل بساطة , لن أنحني لمثل هذه التفاهات , وهافضل طول عمري أعمل اللي يدخل دماغي عن اقتناع وليس الحشو المجتمعي المبني دون أساس , هالعب وهاجري وهانطلق رغم كيد الكائدين , وكل واحد أو واحدة يعترضوا هايبقي من جواهم نفسهم يعملوا زيي بس خايفين ومش قادرين يكسروا السجون اللي عملوها بنفسهم علي عقولهم _الله يكون في عونهم_.
فدوى نزار
1 comment:
مش هينفع كده كل شهر رساله .
الكلام من وجهه نظرك تمام جدا و منطقى جدا . بس فيه حاجه انتى اكيد ناسياها . اى واحد عنده اطفال و بالذات بنات بيكون خايف عليهم جدا . فمعظم الناس بتحكم على اولادهم اللى خايفه عليهم "ظننا منهم ان كده امان عليهم" ف للاسف بتعلمهم الضعف و الخوف و بالتالى يزداد ضعف الاطفال و يفضل الاولاد طول عمرهم بالنسبه لاهلهم صغيرين "و هم اللى عملوهم صغيرين" . فيه ناس تانيه بتقول حاجه تانيه . انا خايف على ابنى او بنتى يبقى اعلمهم كويس و اعرفهم ازاى يتصرفوا صح او غلط و اسيبهم يتعلموا الباقى . مش هقعد اقوله كده غلط و كده صح من غير ليه و اسمع الكلام وبس . احمدى ربنا انك فى اسره من النوع التانى . اللى فكروا صح " لو عندك نقطة ضعف قويها بدل ما تدافع عنها لان مهما كانت القوه . الدفاع ضعف " . ف المساله غير العنصريه سوء فى اختيار اسلوب التربيه من الوالدين و للاسف مش كل الناس عندها اهتمام بالتربيه . متنسيش تشكرى والديك اللى اختارو اسلوب التربيه الافضل . و اخر حاجه انتى عارفاها كويس متهتميش بحد غير اللى بايده يحاسبك .
Post a Comment