كم هو ضئيلٌ هذا الإنسان .. كم هي تافهةٌ تلك الأحداث التي يراها أهوالاً .. كم هو مجنونٌ ليعطيها كل هذا القدر من تفكيره ووقته ويبني عليها آلاماً مُزَيَّفة .. وياله من عبثٍ ذلك الشعور المُصطنع من الحزن والأسي علي أشياء ما هي إلا من صنع ذلك الإنسان بنفسه .. فهو من يرى المواقف الصغيرة في هيئة مشكلات , ثم يضخِّم المشكلات لتصبح ضغوطاً , والضغوط لمآسٍ ينهار هو نتيجة لها .. فيصبح دون أن يدري .. أو دون أن يعي أنه يدري .. يصبح هو قاتل نفسه ومعذّبها.
آآآآآآآه .. آهٍ لو يدرك الإنسان مدي ضآلة حجمه .. آهٍ لو يدرك مدى هوان كل ما يمر به منمؤثّرات .. آهٍ لو يمتلك ذلك اليقين بأنه فانٍ هو وكل ما حوله , وأن الدنيا جميعها إلي زوال .. آهٍ لو يصلُ لتلك الدرجة العالية السامية من الارتقاء بعمره فوق كلّ الأمور التافهة .. آهٍ لو يُعطِ كلًّ شيءٍ ليس أكثر من حقه , ويري الأمور بأحجامها الطبيعية التافهة الهزيلة التي لا ينبغي أن يعيرَها أدني اهتمام .. آهٍ لو يدركُ أنه لا يوجد في الحياة ما يسمي بالهموم , ليس لشدة رفاهية الحياة , ولكن لشدة ضآلة وهَوَان مُجرَيات الحياة .. آهٍ لو يدركُ أنه ليس سوي حلقة في المنظومة الكونية المدروسة , وأنه يعيش أياما معدودة لن يري فيها أكثرَ مما كُتِبَ له منذ تقرّرَ انضمامه لتلك الحقبة من عمر الكون.
وما أجمل يوم يستيقظ فيه الإنسان وقد امتلك صفةً سحريةً تجعله يقضي مابقيَ له من أيام في أسعد صورة يمكن أن يصل لها آدميّ .. تلك الصفة النادرة التي يصعُبُ التمسك بها والسيطرة علي انفعالاتنا من أجلها ..الصفة التي إذا وصل الإنسان لمثلها فلن يشقي بعدها أبدا .. الرضا .. الرضا بما كتبه الله له .. واستقبال وتقبُّل كل ما يحدث بنفسٍ سعيدةٍ راضية بقضاء الله , مؤمنة بعلمهِ الواسع , وواثقة بأن إرادة الله دائما فيها كل الخير , وأن الإنسان سيصل لذلك الخير إن آجلا أو عاجلا حتي لو لم يعِ تلك الفكرة في حينها .
الإنسان ما هو إلا وديعة مملوكة للخالق عز وجل .. لله أن يفعلَ بها ما يشاء .. وللإنسان أن يختارَ كيف يحيا في هذه الدنيا إلي أن يسترد الله وديعته .. فإما يعمل المرء عملا صالحا ويجتهد ويرضى بعدها بما يقضي الله عز وجل ويجد حينها نفسه وقد وصل لقمة السعادة والتصالح مع النفس ,
أو يسخط ويري نفسه دائما موضِعَ رَثاء , ويظل عمره يحارب استمراره بنفسه , ويخطُّ بيده قصةَ شقاءٍ وبؤسٍ ومعاناة تنتهي حتما بموت السعادة داخله نهائياً.
فأي طريق نختار ؟! وأي حياة نريد أن نحيا ؟!
وأتذكر قولا سديدا يشبه ذلك الصدد .. ألا وهو :
كن جميلا ترى الوجودَ جميلا
فدوى نزار
http://one--all.blogspot.com
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment