Thursday, May 8, 2008

إن قُلتها مُتّ , وإن لم تقُلها مُتّ ... قُلها ومُت

تخيلوا معي عالماً نقول فيه بكل صدق كل ما نشعر به .. عالم لا نخش فيه شيئا إلا الله عز وجل الذي يملك وحده التحكم في مصائرنا .. عالم حر نعبر فيه عن كل شيء وفي أي وقت غير عابئين بمن يراقبنا ومن يسمعنا .. عالم يدافع فيه كل شخص عن آرائه ومعتقداته وأفكاره .. عالم نستطيع فيه التمسُّك بمبادئنا دون أن نخشي القمع .. عالم يكون صمتنا فيه بإرادتنا الحرة المستقلة وليس خوفا من الاعتقال والتعذيب وانتهاك الحقوق ... عالم مثاليّ يكون كل منا فيه ملكا علي عرشه الخاص .. عالم لا يحتوي علي قيود أو معوِّقات .. عالم نُحلِّقُ في سمائه الواسعة كأنها ملكٌ لنا.
هذا العالم الذي أراه الآن أقرب للوهم في ظل معاناتنا الحالية من كبت للحريات وقمع وحصار حتي علي حرية التفكير , مما جعل كلا منا حارسا علي سجنه الخاص , يخشي حتي من مجرد ميلاد خاطرة معينة في رأسه لعل أحدا يشعر بها فيسعي إلي وأدها في رأسه عن طريق اقتلاع هذا الرأس .
علي فكرة ... دة مش فيلم هندي , ولا حماسة شباب , ولا حتي ثورة غضب مفاجئة نتيجة الامتحانات لا سمح الله ... دة حلم ... نعم حُلم .. فقد حلمت ذات ليلة بوقوعي في معركة شرسة للدفاع عن موقف معين اتخذته .. وكانت المعركة الحقيقية هي بيني وبين نفسي .. فهل أتمسك بمبدأي وأدافع عنه وأتحمل العواقب أيا كانت حتي آخر قطرة من دمي .. أم أتخاذل وأستسلم وأدعي أن هذا من أجل الحفاظ علي كرامتي _علي أساس إني لو دخلت المُعتقل هاينفخوني _ , وفي النهاية .. ولأنني من هواة قصص النضال .. اخترت الحفاظ علي مبدأي , وظللت أردد لنفسي جملة : إن قلتها مُتّ , وإن لم تقُلها مُتّ ... قُلها ومُت ...
طبعا كلنا نعلم أن الأحلام _أو بعضها_تكون نتيجة تواجد فكرة مُلِحة في العقل الباطن للإنسان ... وهكذا كان حُلمي .. لأنني مررت بموقف قيل لي أنه لم يجب علي التعامل معه بمثل هذه الحدة _علي أساس ما أكبّرش الموضوع وأسيب المركب تمشي والكلام المُبتَذَل دة_ لكنني وبكل فخر إذا عاد بي الزمن سأكرر نفس رد الفعل .. وسأقول الحق مهما كاد الكائدين ورغم حقد الحاقدين ولوم اللائمين ... ومرحبا بالنتائج أيا كانت _بس طبعا الموضوع ماكانش فيه اعتقال ولا حاجة إنما كان مجرد موقف في الكلية لكن برضه قلت فيه كلمتي والحمد لله , وبعدين مافيش حد في العالم كله يملك إنه يعمل لي أو لأي حد أي حاجة إلا الله وحده , والحمد لله عندي هذا اليقين الراسخ _.
وبالنسبة للحلم .. انتهت الأمور بحفر قصة نضالي علي صفحات تاريخ المقاومة .. وإذا مات جيفارا فكلنا جيفارا .. واعلموا أنه كما قال عمّ الشعراء صلاح جاهين :
يا عندليب ماتخافش من غنوتك
قول شَكوتك واحكي علي بلوتك
الغنوة مش ح تموّتك إنما
كَتم الغنا هو اللي ح يموّتك
وعجبي

المناضلة
فدوى نزار
http://one--all.blogspot.com

Wednesday, April 16, 2008

الجمال

كم هو ضئيلٌ هذا الإنسان .. كم هي تافهةٌ تلك الأحداث التي يراها أهوالاً .. كم هو مجنونٌ ليعطيها كل هذا القدر من تفكيره ووقته ويبني عليها آلاماً مُزَيَّفة .. وياله من عبثٍ ذلك الشعور المُصطنع من الحزن والأسي علي أشياء ما هي إلا من صنع ذلك الإنسان بنفسه .. فهو من يرى المواقف الصغيرة في هيئة مشكلات , ثم يضخِّم المشكلات لتصبح ضغوطاً , والضغوط لمآسٍ ينهار هو نتيجة لها .. فيصبح دون أن يدري .. أو دون أن يعي أنه يدري .. يصبح هو قاتل نفسه ومعذّبها.
آآآآآآآه .. آهٍ لو يدرك الإنسان مدي ضآلة حجمه .. آهٍ لو يدرك مدى هوان كل ما يمر به منمؤثّرات .. آهٍ لو يمتلك ذلك اليقين بأنه فانٍ هو وكل ما حوله , وأن الدنيا جميعها إلي زوال .. آهٍ لو يصلُ لتلك الدرجة العالية السامية من الارتقاء بعمره فوق كلّ الأمور التافهة .. آهٍ لو يُعطِ كلًّ شيءٍ ليس أكثر من حقه , ويري الأمور بأحجامها الطبيعية التافهة الهزيلة التي لا ينبغي أن يعيرَها أدني اهتمام .. آهٍ لو يدركُ أنه لا يوجد في الحياة ما يسمي بالهموم , ليس لشدة رفاهية الحياة , ولكن لشدة ضآلة وهَوَان مُجرَيات الحياة .. آهٍ لو يدركُ أنه ليس سوي حلقة في المنظومة الكونية المدروسة , وأنه يعيش أياما معدودة لن يري فيها أكثرَ مما كُتِبَ له منذ تقرّرَ انضمامه لتلك الحقبة من عمر الكون.
وما أجمل يوم يستيقظ فيه الإنسان وقد امتلك صفةً سحريةً تجعله يقضي مابقيَ له من أيام في أسعد صورة يمكن أن يصل لها آدميّ .. تلك الصفة النادرة التي يصعُبُ التمسك بها والسيطرة علي انفعالاتنا من أجلها ..الصفة التي إذا وصل الإنسان لمثلها فلن يشقي بعدها أبدا .. الرضا .. الرضا بما كتبه الله له .. واستقبال وتقبُّل كل ما يحدث بنفسٍ سعيدةٍ راضية بقضاء الله , مؤمنة بعلمهِ الواسع , وواثقة بأن إرادة الله دائما فيها كل الخير , وأن الإنسان سيصل لذلك الخير إن آجلا أو عاجلا حتي لو لم يعِ تلك الفكرة في حينها .
الإنسان ما هو إلا وديعة مملوكة للخالق عز وجل .. لله أن يفعلَ بها ما يشاء .. وللإنسان أن يختارَ كيف يحيا في هذه الدنيا إلي أن يسترد الله وديعته .. فإما يعمل المرء عملا صالحا ويجتهد ويرضى بعدها بما يقضي الله عز وجل ويجد حينها نفسه وقد وصل لقمة السعادة والتصالح مع النفس ,
أو يسخط ويري نفسه دائما موضِعَ رَثاء , ويظل عمره يحارب استمراره بنفسه , ويخطُّ بيده قصةَ شقاءٍ وبؤسٍ ومعاناة تنتهي حتما بموت السعادة داخله نهائياً.
فأي طريق نختار ؟! وأي حياة نريد أن نحيا ؟!
وأتذكر قولا سديدا يشبه ذلك الصدد .. ألا وهو :
كن جميلا ترى الوجودَ جميلا

فدوى نزار

http://one--all.blogspot.com

Tuesday, April 8, 2008

التشجيع

تلك الكلمة السحرية التي لا غني عنها علي مر العصور وفي مختلف المواقف .. الكلمة التي تدفع المُتلقّي لبذل أقصي طاقاته في سبيل تحقيق أهدافه .. تلك الكلمة التي ليس بالضرورة أن نسمعها مجَرّدة كما هي , ولكن قد نستشفّها من تصرفات المحيطين بن.. فقد تأتي علي صورة اهتمام من الآخرين بما نفعل ومداومة سؤالنا عن التطورات .. أو قد تكون إحساسنا بمشاركتهم لنا في بعض التفاصيل المهمة .. أو هي محاولاتهم لدعمنا بشتي الطرق ... وهكذا.
فالتشجيع قيمة سامية لايمكن الاستغناء عن تبادلها مع الآخرين كما يصعُب الاستمرار بدونها ..فإذا لم يجد المرء ما يشجعه علي القيام بشيء ما سيتسلل إليه اليأس والشعور باللا جدوي في لمح البصر ولن يجد من يدفع عنه عنه رغبته في الاستسلام ويعيد إليه ثقته وإصراره علي النجاح فيما يَهدِفُ إليه...
كما أن التشجيع قد يجيء بشكل غير مباشر وبطُرُقٍ عجيبة .. فقد يرى الإنسان مشهدا يوقظ لديه العزيمة والإرادة .. فمثلا .. شاهدت في يوم ما .. عُصفورا .. يحاول حمل قشةٍ ليبني بها عُشّه .. وكانت قشة ضخمة "بالنسبة له" وكان كلما حاول حملها تسقط منه مجددا .. وهكذا ظل مرارا وتكرارا يحاول الظفر بتلك القشة دون كلل أو ملل .. وكنت في كل مرة أتخيل أن ذلك العصفور سيتوقف عن محاولاته العبثية المضنية ويذهب للبحث عن قشة أخري صغيرة يمكنه حملها .. ولكن العصفور المجتهد قويّ العزم نجح أخيرا في حمل قشته وتحقيق غايته .. وترك في نفسي بالغَ الأثر .. فلإذا كان العصفور الصغير لم ييأس ولم يشك في قدراته .. فحريٌ بي وببني البشر أن نُزيدَ إصرارنا ونثق في قدراتنا التي التي منحها الله لنا .. ونَصِلُ بها لأقصي درجاتها .. وألا نيأس أو نفقد الأمل , بل نَتَيقَّن تماما من أننا في يوم ما سنحقق ما نصبوا إليه مهما بذلنا من مجهود ومهما تعرضنا للصعاب والمُعَوِّقات.
فإذا لم نجد شخصا يشجّعنا .. فلنتأمل في خلق الله .. لأن فيه كفايتنا من التشجيع والعِظات والآيات القادرة علي تغيير مسارات حياتنا .
ولنجتهد ونعمل ونثق في أن الله لا يضيعُ أجرَ مَن أحسَنَ عمَلا .


فدوى نزار

Thursday, April 3, 2008

لو كانت الوحدة رجلا...

أحيانا "مش عارفة إيه كلمة أحيانا دي .. كتيير جدا ببدأ كلامي بيها وكأن اللغة العربية مافيهاش غير كلمة أحيانا المهم ماعلينا"

أحيانا يخيم علي الإنسان شعور مؤلم بالوحدة رغم وجوده الدائم بين أهله وأصدقائه ومعارفه .. يشعر بأنه بمفرده في هذا العالم الواسع .. الذي يزيد من إحساسه بالوحشة .. وكأنه يسبح بمفرده في تيهٍ مظلمٍ قاسٍ لا روحَ فيه ...ويظل يصارع الدوامات الشرسة طوال تلك المرحلة من عمره , مما ينهكه ويدفعه للاستسلام وانتظار قَدَره المحتوم الذي قد يحمل معه الخلاص.
يشعر الإنسان بدورانه في حلقة لانهائية من الأحزان التي تعتصر كل جوارحه ..وما يُدمي قلبه حقا هو أن يجد نفسه بعد كل هذا العمر وكل تلك العلاقات والصداقات .. يجد نفسه مايزال وحيدا لا يجد من يحتويه في ألمه ويخفف عنه وطأة وحدته .
وما يضخِّم المأساة , وقوع هذا الشخص أثناء مروره بتلك الفترة في ظروف من الوحدة الفعلية .. لأي سبب أو ظرف .. فيجد نفسه وحيدا معنويا وفعليا .. فلايجد من يقف إلي جواره وقت محنه .. ولايجد من يستمع إليه وينصحه .. ولايجد حتي من يهتم به ولو حتي علي سبيل المجاملة .. فيشعر إلي جانب الوحدة بالإهمال وعدم اكتراث الآخرين بوجوده .. يشعر أنه قد يأتي يوم يرحل فيه عن الدنيا دون أن يشعر به أحد أو يفتقده أحد .. يشعر تدريجيا بفقدان الحياة لقيمتها ومعناها .. وتبدأ رأسه تعصف بالأسئلة المُحيِّرة .. لِمَ أهتم بمن حولي إذا كانوا هم لا يكترثون حتي للسؤال عليّ .. لم ألتمس لهم الأعذار ولايوجد بينهم من يغض البصر عن سهوي ... لم أشعر بالقلق عليهم والاشتياق لهم ويبحثون هم عن المبررات لتَركي والابتعاد عني .. لم أشعر بكل تلك المعاناة ويعتقدون أني في ترفٍ من العيش .. بل والأكثر يعتقدون أني قادرة علي التحمل والاستمرار مما يشجعهم علي زيادة آلامي ومعاناتي .. لم يهون عليهم جَرحي ولا يقبلون مني العتاب .. ولم يعتقدون أني سأصبر علي قسوتهم إلي الأبد ؟؟!! ... والملايين من الأسئلة اللانهائية والتي يبتر استمرارها الشعور باللاجدوي .. وأن البحث عن إجاباتها مجرد محاولة عَبَثية ستنتهي حتما بالجنون.
وبعد أن تخور كل القُوي .. وتفشل كل خطط المقاومة .. تأخذ المحاولات المُضنية هذا الإنسان الوحيد إلي عالم الانزواء عن الآخرين واعتزال كل مظاهر التفاعل مع الحياة .. ويُجَسِّد لنفسه هذا العالم من الوحدة الذي عاشه من قبل داخليا , لتصبح الوحدة عالما فعليا من اختياره بعد أن كان مفروضا عليه.
وتبدأ مشاعره في التقلُّب .. ويتحول حبه للآخرين إلي قسوة ولوم وغضب ..ورغبة في رد مواقفهم تجاهه بنفس القدر من الظُلم .. ولكن يبقي أصعب سؤال في حياته .. هل سيتمكن من رد الإساءة بمثلها .. وهل سَيَهونُ عليه من يحب مثلما هان هو عليهم .. هل سيهملهم كما أهملوه .. وينساهم كما نسوه .. هل يتجاهل وجودهم في حياته كما أنكروا وجوده في حياتهم .. أم سيبقي كما هو .. يلتمس لهم الأعذار ويحبهم ويهتم لأمرهم ... ويقبل أن يتجرّع العذابَ لآخر يومٍ في عمره المؤلم ...
ما أقسي الشعور بالوحدة وسط عالمٍ ينبض بالحياة الصاخبة .. ما أصعب أن يشعر المرء بالغُربة في منزله .. وما أصعب أن يأتي يوم لا يجد فيه من يسمعه سوي جدران هذا المنزل الخاوي الموحش ..
لَيتَ تلك الوحدة رجلاً ... كنت سأحاول قتله .. لكني للأسف أعلم أني كنت لأفشل في محاولتي .. لأني لم أستطع يوما أن أرد الإساءة بمثلها .

فدوى نزار

Sunday, March 16, 2008

حين تحزن ... فيمن تفكر لأول وهلة ؟؟؟


هل مرت بك من قبل فترة خيم فيها الحزن علي أيامك .. وشعرت بكل صدق بالرغبة في التوقف عن كل شيء تعودت فعله وتبقي هكذا دون أي هدف ودون أي أحداث جديدة في حياتك الفانية ...
هل شعرت برغبة جامحة في الهروب من سجن الحياة والتحرر من قيودها القاسية .. والخروج إلي عالم آخر لا تعرف فيه أحد ولا يعرفك أحد .. عالم لا يُطلَب منك فيه مراعاة الآخرين ولا التنازل عن أفكارك لإرضائهم ..,
هل تمنيت لو لم تولد في هذا المناخ الخانق من الحسابات التي نضعها في رءوسنا قبل الإقدام علي أي تصرف في أي مجال .
هل تمنيت الوجود في عالم خاص بك وحدك لا يشاركك فيهه أحد , ولا تتحمل فيه أي مسئوليات أو ضغوط أو تدخل من الآخرين .

إذا كانت إجابتك نعم .. فالتفسير اللغوي الوحيد لما تشعر به هو كلمة جافة غير معبرة تسمي بكل بساطة وتسطيح بالحزن .. تلك الصفة التي كادت تنضم عن جدارة واستحقاق إلي أرواحنا لتصبح فردا أساسيا في عالمنا .
السؤال هنا .. ماذا تفعل حين تحزن ؟؟ أعتقد أن أول شخص نفكر فيه أوقات حزننا هو من نحب .. سواء صديق أو أخ أو أيا كان من نحب ... نفكر فيهم لأنهم مَن يمكننا البكاء علي صدورهم والاستماع لنصائحهم .. لأنهم فقط مَن يمكننا ائتمانهم علي اسرارنا ومشاعرنا .. لأنهم من يمكنهم احتوائنا في أعنف مراحل ثورتنا .

ولكن المشكلة القصوى في تلك الأوقات .. هي أننا حين نفكر فيمن نحب لكي نشكو لهم .. نجد أنفسنا نرفض بشدة التحدث إليهم لأننا لا نريد تحميلهم هموما فوق همومهم ... ولا نريد شغل رءوسهم بالتفكير في مشاكلنا وضغوطنا ,
وكنتيجة لهذا .. نجد أنفسنا نحتفظ بأحزاننا لأنفسنا وندفنها مع أخواتها في بئر عميق من المعاناة التي تنتظر أي فرصة لتتفجّر علي أي شكل وفي أي شخص .

والمأساة الحقيقية هو أنه كلما زادت الأحزان زاد معها إحساسنا بالاختناق .. ورغبتنا في الخلاص الأبدي من تلك المعركة المحسومة ضدنا من البداية .

وللعلم ... قد نجد بعض المواساة عند الحبيب الوحيد الذي يدعونا لكي نشكو له .. ويثبتنا علي ما يقتلنا من مشاعر ... هذا الحبيب الذي تطمئن بذكره القلوب .. الحبيب الأقوي من كل كيد , والأقرب من كل فرد , والراد لكل ضرر , والحامي من كل شر .. حبيبنا الأوحد الذي ليس لنا سواه .. الله

عسي أن يمنحنا الصبر علي ما بُلينا به .. ويعيننا علي الاحتمال .. ويسرّع خلاصَنا , ويريحنا من أحزاننا.
فحين تحزن .. فكر فيمن وسعت رحمته كل شيء.

فدوى نزار
http://one--all.blogspot.com

حين تحزن ... فيمن تفكر لأول وهلة ؟؟؟


هل مرت بك من قبل فترة خيم فيها الحزن علي أيامك .. وشعرت بكل صدق بالرغبة في التوقف عن كل شيء تعودت فعله وتبقي هكذا دون أي هدف ودون أي أحداث جديدة في حياتك الفانية ...
هل شعرت برغبة جامحة في الهروب من سجن الحياة والتحرر من قيودها القاسية .. والخروج إلي عالم آخر لا تعرف فيه أحد ولا يعرفك أحد .. عالم لا يُطلَب منك فيه مراعاة الآخرين ولا التنازل عن أفكارك لإرضائهم ..,
هل تمنيت لو لم تولد في هذا المناخ الخانق من الحسابات التي نضعها في رءوسنا قبل الإقدام علي أي تصرف في أي مجال .
هل تمنيت الوجود في عالم خاص بك وحدك لا يشاركك فيه أحد , ولا تتحمل فيه أي مسئوليات أو ضغوط أو تدخل من الآخرين .

إذا كانت إجابتك نعم .. فالتفسير اللغوي الوحيد لما تشعر به هو كلمة جافة غير معبرة تسمي بكل بساطة وتسطيح بالحزن .. تلك الصفة التي كادت تنضم عن جدارة واستحقاق إلي أرواحنا لتصبح فردا أساسيا في عالمنا .
السؤال هنا .. ماذا تفعل حين تحزن ؟؟ أعتقد أن أول شخص نفكر فيه أوقات حزننا هو من نحب .. سواء صديق أو أخ أو أيا كان من نحب ... نفكر فيهم لأنهم مَن يمكننا البكاء علي صدورهم والاستماع لنصائحهم .. لأنهم فقط مَن يمكننا ائتمانهم علي اسرارنا ومشاعرنا .. لأنهم من يمكنهم احتوائنا في أعنف مراحل ثورتنا .

ولكن المشكلة القصوى في تلك الأوقات .. هي أننا حين نفكر فيمن نحب لكي نشكو لهم .. نجد أنفسنا نرفض بشدة التحدث إليهم لأننا لا نريد تحميلهم هموما فوق همومهم ... ولا نريد شغل رءوسهم بالتفكير في مشاكلنا وضغوطنا ,
وكنتيجة لهذا .. نجد أنفسنا نحتفظ بأحزاننا لأنفسنا وندفنها مع أخواتها في بئر عميق من المعاناة التي تنتظر أي فرصة لتتفجّر علي أي شكل وفي أي شخص .

والمأساة الحقيقية هو أنه كلما زادت الأحزان زاد معها إحساسنا بالاختناق .. ورغبتنا في الخلاص الأبدي من تلك المعركة المحسومة ضدنا من البداية .

وللعلم ... قد نجد بعض المواساة عند الحبيب الوحيد الذي يدعونا لكي نشكو له .. ويثبتنا علي ما يقتلنا من مشاعر ... هذا الحبيب الذي تطمئن بذكره القلوب .. الحبيب الأقوي من كل كيد , والأقرب من كل فرد , والراد لكل ضرر , والحامي من كل شر .. حبيبنا الأوحد الذي ليس لنا سواه .. الله

عسي أن يمنحنا الصبر علي ما بُلينا به .. ويعيننا علي الاحتمال .. ويسرّع خلاصَنا , ويريحنا من أحزاننا.
فحين تحزن .. فكر فيمن وسعت رحمته كل شيء.

فدوى نزار
http://one--all.blogspot.com

Thursday, March 6, 2008

بين الشعور والاحتراف

بالنسبة لي .. الحزن هو أقوى محرّك للقلم , وكذلك الظلم والألم والفراق وما إلي ذلك من مشاعر سلبية .. ولهذا فإنني لا أحبذ تسميتها بالسلبية لأنها هي الفترات الأزهي من حيث الإنتاج الفكري وبالتالي هي وسيلة الإنقاذ من ظلمة الركود التي قد يمر بها القلم .
بالطبع لا أقصد أن يُجبر الإنسان نفسه علي الدخول في طور المعاناة كي يظل قلمه ينبض بالحروف .., ولكني فقط أدّعي أن الإنسان لايشعر بالرغبة في الكتابة حين يكون سعيدا لأن السعادة تظهر وحدها دون الحاجة للتعبير عنها بينما الحزن لا يقدر علي تكسير حاجز الصمت وبالتالي يبقي داخل الإنسان منتظراً أي فرصة للخروج من محبسه .. ولأننا اعتدنا علي الصمت في مواجهة أحزاننا وعدم بثّها للآخرين فإن الفرصة الوحيدة للترويح عن النفس هي الكتابة ..
من واقع تجربتي مع قلمي .. فإني حين أحزن أمسك ورقتي البيضاء ولا أتركها إلا غابة من السطور .. و أحيانا لا أعرف حتي ماذا كتبت إلا حين انتهائي من الكتابة وشروعي في قراءة تلك السطور التي قد لا تعبر عن حزني ولكنها تستنفد طاقاتي وتطفيء براكين الحزن التي تثور في نفسي ,
بينما حين أشعر بالسعادة يتحول شغفي بالكلمات إلي عملية ميكانيكية فأكتب لمجرد الكتابة أو لأنني اعتدت عليها .. فكأنني أضغط أحد الأزرار التي تجعلني أكتب بغض النظر عما أشعر به , وأحيانا أيضا أكتب بغرض التواصل , أو الرغبة في تنشيط قدراتي التعبيرية , أو حتي الهروب من التفكير فيما يشغلني .
المهم حقا هو كون الكتابة عامل مشترك في كل الأوقات .. ولكن ما يختلف هو تأثيرها علي الكاتب ..
والأهم أن يملك الكاتب القدرة علي توصيل فكرته للآخرين سواء كان يشعر بها فعلا أو كانت مجرد أحبار في مفكرته وتجارب لم يمر بها قط .. وتخرج رغم هذا .. كقيد فولاذي يأسر ألباب ومشاعر القارئ .. ويجعله يتعاطف مع كل حرف فيما يقرأ .. ويُدخله في عالم يظن أنه وحده من يعيش فيه .. وأن تلك الكلمات كُتبت خصيصا من أجله .. وينتهي من القراءة وهو يجزم أن الكاتب لابد وأن مر بهذه التجربة .. ظناً منه بأن مثل هذا الوصف لا يأتي إلا من معايشة فعلية لموقف مؤثر .. ناسيا أن الكاتب بعد مرحلة معينة قد يصل للاحتراف مما يجعل الكتابة باقتدار إحدي تفاصيل شخصيته بغض النظر عن مروره بمؤثرات خارجية أو حياكته للقصة من بدايتها لنهايتها من نسج خياله .


فدوى نزار

Wednesday, February 27, 2008

هل واجهتم الموت ؟!!

أعلم أن لا أحد يمكنه مواجهة الموت .. فإذا جاء لايمكن لأحد إيقافه أو الهرب منه
ولكن ما أقصده بسؤالي .. هل تعرضتم لموقف معين أدركتم فيه أن هذه هي لحظاتكم الأخيرة .. وأنكم علي وشك دخول العالم الآخر ؟؟
المواقف التي أقصدها عديدة .. فقد يكون حادث , أو كارثة طبيعية , أو مرض ..أو.. أو.. أو
وكيف كان شعوركم حينها ؟ , هل سيطر عليكم الخوف ؟
أعتقد أن الشعور يكون حسب الموقف .. فبالتأكيد سيجزع المرء في مواجهة الحوادث والكوارث .. وقد يتألم في المرض .. أو يبحث عن ملاذ من كارثة .. وهكذا .
بالنسبة لي .. تعرضت لنفس الحادث مرتين وبنفس الطريقة مع اختلاف الشكل .. أولاهما كانت في أول سنة لي في الكلية , حيث كنت أستقل مَركبة (ميكرو باص) في طريق العودة , وحدث أن مالت علي عجلتيها الجانبيتين وظلت تسير هكذا للحظات طويلة تمر كأنها عمر بأكمله .. وشاء السميع العليم أن تتوازن المركبة في آخر لحظة قبل أن تنقلب بمن فيها ....
والمرة الثانية .. حدثت اليوم .. ولكن الاختلاف هو نوع المَركبة .. فاليوم كانت (ميني باص) , ويبدو أنه كان يعاني من مشكلة في الاتزان ظهرت حين امتلأت المركبة بالبشر . وبدأت تميل تدريجيا حتي كادت أن تسقط علي جانبها ... ولكن للمرة الثانية ينجينا الخالق من الحادث.
في المرة الأولي .. لم أشعر بالخوف أو القلق .. بل إنني أصابتني حالة غريبة من الثبات وكأن شيء ما أخبرني أنها ليست النهاية .. وبالتالي لم يتحرك داخلي أي شعور مريب , بل إنني كنت أبتسم وأتعجب من باقي الناس من حولنا في السيارات المجاورة حيث كانوا يرددون الشهادة بدلا منّا من رهبة الموقف .
ولكن اليوم .. لا أعرف لماذا شعرت بالخوف .. لماذا لم أفكر سوي في الموت .. ظللت أتخيل أنه قد حان الوقت لأرحل عن هذا العالم ..أرحل في صمت كباقي ضحايا حوادث الطُرُق .. أرحل وحدي .. أرحل دون أن أودع والديّ وأخي .. أرحل قبل أن أري أولي ملامح مستقبلي المجهول .. قبل أن أعرف معني مرحلة الشباب وربيع العمر .. أرحل حاملة معي كل ذنوبي وأخطائي في حق نفسي وفي حق الآخرين .. أرحل تاركةً خلفي لعنات من أسأت لهم , ومستقبٍِلة أمامي غضب ربي عليّ .. أرحل من جحيم لآخر .. أرحل راجية أن يذكرني أحد في يوم ما ويطلب لي الرحمة والعفو .. أرحل وآخر ما يتردد في ذهني بعد الشهادة , هو : لماذا لم أحضِّر نفسي لمثل هذا اليوم ؟ .. لماذا لم أدرك أن الموت يأتي بغتة ؟ .. لماذا ظننت أنه يمكنني التكفير عن ذنوبي فيما بعد ؟ .. لماذا أخشي لقاء ربي رغم إعطائه لي الفرصة تلو الأخري للتوبة .. وفتح لي الباب للمغفرة , وظللت أنا أغلقه بنفسي ...
لماذا لا نفكر في الصلاح إلا بعد إدراك الأجل ؟؟..



فدوى نزار

Sunday, February 17, 2008

المرحوم لاكي الثالث عشر

زمااااان .. مش زمان قوي يعني .. من 5 سنين كدة .. دخل علينا أخي بكائن صغير جدا وجميل جدا وخائف جدا !!

هذا الكائن كان وقتها يسمي مجازا كلب حراسة "مجازا دي لأنه ساعتها كان خائف و مرعوب وهذا لا يتفق مع طبيعة كونه كلب حراسة"

وكان عمره يتجاوز الشهر بعدة أيام .. طبعا كنت في قمة السعادة لأني طالما تمنيت اقتناء كلب من الأنواع الشرسة المخيفة .. وطبعا حينها لم أقتنع أبدا أن هذا الشيء الضئيل الماثل أمامي سيتحول إلي كلب حراسة في يوم من الأيام , المهم أننا أطلقنا عليه اسم لاكي الثالث عشر .

ومر اليوم تلو الآخر .. وتوطدت العلاقة بيننا وبين هذا الصديق الوفي حتي أصبح مكونا أساسيا من مكونات المنزل , فلم يستطع أحد منا الدخول أو الخروج دون المرور عليه أو إعطائه الطعام أو حتي اللعب معه ... كما أنه تحول فجأة إلي أسد غضنفر "طول بعرض بارتفاع"

ولم يكن يدع أي شخص غريب يقترب من بيتنا أو حتي من شارعنا .. وكان يشكل تهديدا مرعبا للجيران .

وكان مصدر ضحك لي أحيانا "مش عشان أنا شريرة بس عشان المواقف كانت مضحكة" زي مثلا أكون علي وشك الخروج مع لاكي وأمام المنزل وأثناء إمساكي بسلسلة لاكي .. يأتي أحد الجيران ويحاول الدخول إلي منزله المقابل لمنزلنا , وهنا تحدث الكارثة , حيث يظل لاكي ينبح و يجذب السلسلة في محاولة منه لمهاجمة الدخيل الذي هو جارنا الغلبان .. وبالطبع لأن لاكي ضخم الجثة "ولأنني ساعتها بكون غرقانة في الضحك" فقد كان يجذبني أنا أيضا مع السلسة في اتجاه الجار المسكين الذي لا يملك سوي الوقوف ساكنا مستسلما في مواجهة هذا الوحش الكاسر .. ولكن ولله الحمد يتم تدارك الموقف وينجو الرجل المرعوب من براثن لاكي .. "وطبعا يدخل الجار بيته وهو يلعن لاكي واليوم الكحلي اللي سكن فيه جنبنا .. وأكيد بيدعي علينا كمان" .

المهم .. أكمل لاكي في منزلنا عامين .. وفجأة .. أصابته حالة من الإعياء وعدم الرغبة في تناول الطعام .. تبعها حالة من الهزال .. وطبعا رفض الأطباء البيطريون علاجه أو حتي استقباله في عياداتهم خوفا منه لأنه كلب حراسة شرس "ويمكن ياكل حد فيهم" وبالتالي لم يكن أمامنا سوي سماع النصائح الشفوية من الأطباء "اللي بيشخصوا المرض شفهيا برضه" وتطبيق تلك النصائح علي المسكين لاكي , وهكذا من شربة إلي دواء للتسمم إلي .. إلي .. إلي أن مات لاكي ... مات وهو يقوم بواجبه الحراسي علي أكمل وجه وبآخر طاقة متوفرة لديه , وعرفنا أنه راح ضحية غدر أحد الجيران الذي أعطاه السم بدم بارد .. هذا الكائن نادر الوفاء , الذي يستحق منا كل الحب والتعلق .. ويستحق أن أذكره وأتمني لو توجد مثل صفاته في بني البشر .. هذا الكائن الذي علمني ألا أفتح بيتي مرة أخري لأي كلب آخر حتي لا أشعر بمثل هذا الحزن علي فراقه مرة أخري .
هذا الشقي العزيز .. المرحوم لاكي الثالث عشر.

فدوى نزار


Thursday, February 14, 2008

سطور

الكلمة إيد* .. الكلمة رِجل* .. الكلمة باب

الكلمة نجمة كهربية في الضباب

الكلمة كُوبرِي صُلب فوق بحر العُباب

الجن يا أحباب ما يقدر يهدمه

* فاتكلموا .. اتكلموا .. اتكلموا

)أغنية اتكلموا لمحمد منير(


*
إيد = يَدّ بالعامية المصرية *رِجل = قدم / ساق بالعامية المصرية * العُباب = كثرة الماء والسيل / ارتفاع الموج واصطخابه

للأسف مشكلتك مالهاش حل .. جنونك عاقل جدا , بس عقل العاقلين من حواليك مُختل

)للرائع "خالد كساب" محرر صفحة ضربة شمس في جريدة الدستور (

the fact that no one understands you doesn't make you an artist

(a tip from ZUMA game)

ملعون يا داء الكلام لما تكون ملفوف وملعون يا داء السكوت لما تكون م الخوف

Sunday, February 10, 2008

عيش في الملعب مصر بتلعب

مبروك لمصر
ومبروك علي منتخبنا الكأس للمرة السادسة

Friday, February 8, 2008

رسالة إلي أبي

منذ أن تفتحت مداركنا تعلمنا أن هناك أشياء تسمي واجبات وأشياء أخري مترتبة عليها ومقابلة لها تسمي حقوق .. هذه الكلمة التي تقوم من أجل الحصول عليها الثورات والحروب وتُبذَلُ من أجل الدفاع عنها الأرواح , المعني الذي لو تحقق وتوفر لبني البشر سترقي هذه الدنيا لأسمي المستويات وسيتفرغ الإنسان للعطاء والإبداع والتفكير فيما يساعد علي تقدم هذا العالم.
هذه الحقوق التي تنشأ منها كل القوانين المعروفة وتندرج تحت عباءتها كل أشكال التعامل بين الأفراد والشخصيات طبيعية كانت أو اعتبارية . فمن المُفتَرَض أن يتعامل كل إنسان بما لا يتعدي علي الآخرين و بما يحافظ علي حرياتهم
وكلما مرت الأيام كلما اكتشفنا بعض الحقوق التي لم نكن نعرفها من قبل أو التي تنشأ نتيجة تطور الحياة وارتفاع مستويات المعرفة والإدراك لدي البشر .. فالآن نستطيع أن نميز بين حقوقنا وواجباتنا .. بل إننا أصبحنا نطالب بتلك الحقوق وبشراسة حين نشعر أنه قد تم سلبها أو الاعتداء عليها.
ومن هذا المُنطَلَق نشأت العديد من الحقوق المعروفة والتي ساقت بعض القوانين الجديدة , فعلي سبيل المثال نشأت قونين لحماية البيئة والتي تفرض علينا واجبات نحو بيئتنا تؤدي إلي تمتعنا والآخرين بالحق في بيئة نظيفة وصحية إلي جانب كونها جميلة , وغيرها وغيرها من القوانين والحقوق .. التي لو بحثناها لوجدنا أنها تنبع جميعها من مبدأ الإنسانية والتحضُّر الموجودين فطريا في جنسنا البشري , كما أنها قد تتشابه مع الإيثار وحب الغير.
... ما أكثر ما يمكن قوله عن الحقوق والواجبات .. ولكن أهم شيء هو أن يعيها الإنسان ويطالب بها .. ولهذا فإني أطالب أبي وكل المدخنين بالتوقف عن حرماني من حقي في تنفس الهواء الطبيعي النقي الذي خلقه الله لنا
فإذا كانت صحتهم لا تهمهم .. فإن صحتي تهمني
وإذا كانت حقوقي لا تهمهم ..فواجباتهم نحوي تلزمُهم
وإذا عجزوا عن التوقف .. فإني قادرة علي الاستمرار

وبالتالي أقول بكل عزم وثبات

أبي العزيز .. من حقي أن أتنفس هواءً نقياً


فدوى نزار

Monday, January 28, 2008

الجدار


كانت صغيرة , خائفة , ترتعد أوصالها في مواجهة كل ما هو جديد عليها , وكان أملها الوحيد في النجاة هو جدار قديم تستند إليه لكي تشعر بالأمان وتبتعد عن أعين وأيدي من يؤذيها من بني البشر .. ورغم حالها التعيس إلا أنها كانت تتصف بكل معاني ومقومات الجمال , فهي قطة ناصعة البياض , كثيفة الفراء , زرقاء العينين , تظهر عليها ملامح الأصالة والعراقة _ كإنسان كان ينتمي لعائلة راقية ولكن بدلت حاله الأيام _.
لم تعلم هذه القطة أن جمالها سيكون سبب رفاهيتها , فذات يوم وهي تستدفئ بالجدار القديم رآها رجل عطوف أعجبه شكلها ورق لحالها , فقرر حملها إلي منزله .. عرفت معه المعني الفعلي للحب والحنان والصداقة , وعاشت في كنفه أسعد أيام عمرها , وكانت من حين لآخر تتذكر الجدار القديم الذي طالما احتواها ودفع عنها أهوال حياتها .. وفجأة .. أصيب صديقها الإنسان بمرض أجهز عليه في أيام قليلة , فرحل تاركا قطته المسكينة تواجه مصيرها بنفسها .
ومن جديد صارت القطة وحيدة كما كانت .. خائفة , ترتعد .. عادت لتواجه مشاكسات الأطفال وملاحقتهم لها , عادت لتهرب من إيذاء المستهترين من بني البشر , لا تملك من حطام عمرها سوي ذكري صديق حنون لم تدم أيامها معه أكثر من سنوات قصيرة ... وأثناء سيرها إلي المجهول تذكرت حارسها ورفيق وحدتها .. الجدار القديم .. وأخذت خطواتها تتسارع , وذاكرتها ترسم لها طريق الذهاب إليه .. ركضت نحو مكانه بكل ما لديها من قوة وعزم .. اقتربت من المنطقة المنشودة .. هاهو الشارع الذي يسكن فيه الجدار .. هاهو يظهر من بعيد .. نعم .. لقد وجدته .. وجدت الجدار القديم .. وقد حولته الأيام إلي كومة من الأحجار المنهارة وبعض ذرات من الأتربة المتناثرة تعصف بها الرياح المتلاحقة كما تعصف بآخر آمال القطة في الشعور بالأمان .

فدوى نزار

Wednesday, January 23, 2008

لغز

كم هي عميقة .. واسعة .. مترامية الأطراف , هي أُحجية نقضي معظم أيام عمرنا في محاولة يائسة لحلها وفي النهاية نكتشف أن الحل الوحيد هو الكَف عن ملاحقة خيوط تلك اللعبة والاستسلام لحقيقة كوننا ندور في حلقة مفرغة وأننا مجرد شخصيات درامية مُسَخرة للقيام بأدوار محددة لا غني عنها في سير الأحداث
بل قد تصل حيرتنا أحيانا لدرجة العجز حتي عن مجرد إيجاد تسمية مناسبة لهذا اللغز فنكتفي بالاسم المُتعارَف عليه " الحياة " , هذه الكلمة التي أعتقد أنه لايوجد تفسير محدد لمعناها , فهي قد تكون فِعل العيش من حيث التنفُس والحركة والإحساس .. وقد تكون أسلوب التعامل بيننا وبين محيطنا .. أو هي " الروتين " اليومي الذي تذوب فيه تفاصيلنا
هل هي شيء خاص بالإنسان ؟ أم هي ظاهرة كونية تُرادِف الوجود في حد ذاته ؟
كل ما نعرفه هو أن تلك الحياة ستظل باقية بغض النظر عن وجودنا نحن فيها .. وأننا نعيشها سواء قبِلنا العيش أو رفضناه , بالطبع توجَد لدينا مساحة ضئيلة من الاختيارات نحدد بها مساراتنا _المكتوبة والمُخطَطَة لنا مسبقا_ ولكننا نرغب ونَسعَد باعتبارها اختياراتنا الحرة , ولكن يبقي الواقع الملموس هو استحالة الوصول لتعريف واضح محدد لهذا اللغز الذي نقضي فيه أيامنا ونحن علي يقين بأنه رغم رحيلنا ... ستستمر الحياة.


فدوى نزار

Tuesday, January 22, 2008

كادت تموت

منذ يومين قررت تغيير المياه لسمكتي الصغيرة _حيث يجب تغيير المياه التي تعيش فيها السمكة مرة كل يومين تقريبا_, ولكي أنجز مهمتي علي أكمل وجه أحضرت إناءا آخر لوضع السمكة به لحين انتهائي من تنظيف مسكنها _اللي هوة حوض السمك_ وقمت بوضع السمكة في الإناء البديل , ولكني انشغلت بعمل آخر وتركت السمكة في الإناء البديل فوق مكان مرتفع جداااا _من وجهة نظر السمكة طبعا_ وبينما أنا أهيم في جنبات المنزل بلا هدف محدد , ساقتني قدماي إلي المطبخ _حيث وضعت السمكة_ وشيء ما لا أعرفه حتي الآن جعلني أنظر إلي الإناء البديل إياه _ اللي كنت حاطة فيه السمكة _ وصُعقت لأنني لم أجدها , وأخذت أفكر هل يُعقل أن تكون قد تحولت زعانفها إلي أجنحة و طارت مثلا؟ بالطبع لا ... طيب هل يمكن أن يكون أخي عطف عليها وقام بغسل حوض السمك ثم أعادها إليه ؟ ممكن ولكني نظرت أمامي فوجدت حوض السمك مازال في مكانه فارغا إلا من سائل التنظيف الذي كنت أضعه فيه بنفسي لغسله .. إذاً لم يضعها أخي في حوضها .. فأين يمكن أن تكون قد ذهبت ؟؟ في هذه اللحظة تفتق ذهني عن تفسير مريع لما يمكن أن يكون آل إليه حال السمكة .. من المؤكد أنها ... وقعت خارج الإناء ...بس فين برضه؟؟؟ويشاء السميع العليم أن أنظر إلي الأرض لأجد السمكة في مكان مريب .. تحت الثلاجة ... وطبعا استغربت وقولتلها _في عقلي يعني طبعا ماتكلمتش معاها , انا لسة ماتجننتش _ قلتلها بتعملي إيه عندك يا تري؟؟ ونزلتي هنا إزاي أصلا ؟؟ طيب أرجعها مكانها تاني إزاي علما بأني مش بعرف أمسكها لأنها بتتزفلط وأكيد ها تقع تاني , وبالتالي توصلت إلي خطة من النوع الجهنمي وناديت علي أخي لكي يمسكها بنفسه وقلت له إلحق يا شادى السمكة انتحرت تعالي امسكها وحطها في المية علي ما أغسل حوض السمك يمكن تكون لسة عايشة وبالفعل أمسكها شادى ووضعها في المية وغسلت حوض السمك وحطيتها فيه وهي قاطعة النفس وقعدت أقول يا رب ماتموتش _طبعا هي زمانها ماتت وشبعت موت أثناء تفكيري العبقري والحوارات دي كلها _ بس سبحان الله لم تمت بس يمكن من نقص الأكسجين يكون جالها تخلف عقلي , آدي آخرة الانتحار بس يا تري ليه رمت نفسها في البر وحاولت تنتحر؟ يمكن زهقت من المية وحبت تهرب ؟ أو زهقت من الوحدة _رغم إنها نوع من الأسماك يسمي المقاتل ولا يمكن وضع سمكة أخري معه لأنه سيقاتلها حتي النصر أو الشهادة _ وبالتالي فهو كائن غاوي وحدة أصلا ومالوش في الطيب نصيب بس السؤال اللي محيرني بجد إزاي نجحت في الإلقاء بنفسها خارج المياه وكمان من فوق هذا المكان شاهق الارتفاع ؟ مفيش حل غير إنها تكون طارت وبالتالي ممكن يكون في بيتنا سمكة طائرة . سبحان الله

فدوى نزار

Sunday, January 20, 2008

شخابيط


لو اعتبرنا أن الحياة شيء هلامي الملامح غير مستقر المضمون ليس له تعريف منطقي محدد ولو اعتبرنا أن تجارب السابقين فشلت في إثبات نفسها بدليل اندثارها وعدم بقاء أي معلم من معالمها سوي مجرد أطلال تدل علي ضعف البناء وهشاشة الأساس وبالتالي فلن يمكننا البناء عليها أو محاولة إقامتها من جديد ولا حتي مجرد السير علي نهجها الذي أثبت خطأه وعدم قدرته علي الهيمنة ولو فرضنا أن لكل إنسان فكر مختلف وطريق خاص يسير فيه حسب أهوائه واختياراته الحرة الخالية من الضغوط ولو فرضنا أن المذاهب والتوجهات الحالية لاتناسب كل شخص أو بالأحري إذا وجد شخص ما شيئا يعجبه في أحد التوجهات فإنه لن يلبث إلا أن يجد ما لا يقنعه وبالتالي سيجد نفسه مخيرا بين ترك التوجه كله أو قبوله علي عيوبه ومحاولة التأقلم معه وفرض هذه العيوب علي عقله البشري صعب المراس ولو فرضنا أن معظم أصحاب التوجهات الفكرية أو الدينية أو السياسية يكتشفون بعد فترة أن مذاهبهم لم يكن لها أي أساس من الصحة ولكن يستمرون في بث سمومها للآخرين لرفضهم الاعتراف بالخطأ كطبيعة في النفس الأمارة بالسوء ولو فرضنا اتفاقنا علي أنه لا يوجد إنسان أيا كان له خط فكري واحد أوحد لا يخالطه أي فكر آخر , بمعني أنه لا يوجد إنسان ديني فقط أو سياسي فقط أو ثقافي أو فني أو أو أو , ولكن التركيبة الإنسانية المعقدة تفرض علي الإنسان التنوع في كل شيء فاليوم أتبني قضية ثقافية وغدا أدبية وبعده دينية وهكذا , وبالتالي فلا يمكن أن أحسب علي نفسي أو أحتسبها تنتمي لتيار معين لأنني بهذا أناقض الطبيعة الإنسانية المتنوعة ولو فرضنا أن حياة كل مواطن هي قطعة من الصلصال يشكلها كل فرد كما يشاء وكما يليق ويتماشي مع تفكيره وآرائه وبهذا تصبح الحياة لوحة بيضاء والإنسان رسام فطري له مطلق الحرية في شخبطة تفاصيلها لو أقررنا بصحة هذه الاعتبارات والفرضيات فكيف سيكون شكل لوحات حياتنا ؟ كيف سنرسم خطانا ؟ كيف سنسطر الفن المجرد من الشعارات الواهية والمؤثرات العبثية؟ وهل سنسعد بنتاج معارض أعمارنا أم سيشاهده الآخرون غير مكترثين بالتدقيق في خطوط اللوحات المشاركة بهذا المعرض؟ وهل سنصبح في النهاية أطلالا كما رحل عنا السابقون ؟ أم سنترك لوحات يقال عنها فيما بعد أنها رائدة الفن التجريدي التكعيبي السريالي الدنيوي ويصبح كل منا سلفادور دالي الواقعية ؟!!... سؤال يطرح نفسه

فدوى نزار

سوف أصبح كاتبة

مرت سنوات عديدة كنت خلالها أحاول كأي إنسان في مرحلتي العمرية أن أستكشف نفسي .. نعم , أسعي لمعرفة رغباتي وأهدافي .. أرسم ملامح طريقي الذي يخدم توجهاتي وميولي .. وأثناء رحلتي الاستكشافية صادفت أشكالا من الهوايات والمجالات والنشاطات المختلفة , مما جعلني أعتقد أني أفتقد الهدف .. فتارة أحب الأرقام وألعاب الذكاء وتارة أهوي الشعر وكتابة الخواطر .. حين أنساق في موجات القراءة .. وأحيان أخري في درب تصميم الحلي من أبسط الوسائل المتاحة مثل الخرز ... مرات أتحفز لممارسة الرياضات العنيفة ومرات للتأمل في المجهول بحثا عن فكرة أسطرها في مفكرتي ... أوقات تسيطر علي مخيلتي فكرة الالتحاق بكلية الآداب لدراسة اللغات وأوقات مثلها أقدم أوراقي بنفسي لكلية الهندسة .

اعتقدت كنتيجة لذلك أني كائن هوائي سيظل يسبح مدي الدهر في دوامة التخبط , وأني لن أصل ما حييت لهدف محدد أبذل من أجله النفس والنفيس , وسأبقي أدور في حلقة البحث عن الذات حتي تضيع مني ملامحي قبل أن أدرك حقيقة توجهاتي ورغباتي ... ودون أن أصيغ طريقي في الحياة .

أعترف أني لا أعترض علي الطريقة التي عشت بها .. ولم أندم إطلاقا علي ممارسة أي هواية أو الاحتكاك بأي مجال , لأن الواقع أني استفدت من كل درب سلكته أو تجربة خضتها , كما أنني طرقت تلك الأبواب بكامل إرادتي وبكل حب وشغف , نعم أحب الأرقام , وألعب السودوكو بانتظام ودأب , نعم أهوي الشعر وأكتب الخواطر , نعم أتوحد مع كل كتاب أقرأه وأيضا أعشق دمج الخرز لتشكيل سمفونية ممتعة تزين معصمي , نعم أتوحش في مباراة كونج فو ساخنة لإحراز شهادة البطولة بينما أشبع نهم قلمي للكتابة عن طريق رسائلي لبعض الصحف أو للمدونة التي أشارك فيها , وحقا رغبت في الالتحاق بكلية الآداب وانتسبت لفريق المهندسين ... فبالتأكيد ليس هذا تخبط أو تضارب , لأنني عشقت كل ما فعلته , ولكن قد تكون أوجها مختلفة لنفس العملة , قد أكون الإنسانة الحالمة وفي ذات الوقت الفتاة العملية , وهذا هو التفسير الوحيد الذي أحب انتهاجه .. انتهاج الطريقين في آن معا .

ولكن منذ أيام .. جاء لي التفسير دون مقدمات .. فجأة وجدت من يشرح هذا التذبذب ويحلل شخصيتي دون قصد ودون طلب مني .. فقد كنت يوم الخميس الماضي في قاعة المؤتمرات أحضر ملتقي التوظيف الذي أقامته "وظائف مصر" .. وهناك جلست في محاضرة عن التفكير الإبداعي _ أحد مجالات دراسة المهارات الشخصية _ وفيها أخذ المحاضر الشاب يشرح لنا تكوين مخ الإنسان , ومنها الفصين الأيمن المسئول عن الخيال والفن والإبداع , والأيسر المسئول عن الأرقام والحسابات والمنطق .. فالإنسان الذي يتجه للحسابات يكون بهذا ينمي فصه الأيسر ومن يتجه للفن والخيال فهو ينمي فصه الأيمن .. أما المفروض فعله هو تنمية الفصين معا مستندا في هذا علي كون كل العلماء العرب وغيرهم من أمثال دافنشي وأينشتين لم يكونوا فقط علميين بل كانوا أيضا فنانين , ومعظم اختراعاتهم أتت نتيجة تخيلهم لأشياء لم تكن تعرفها البشرية حينها .. وبالتالي فهم نمُّوا فصيهم الأيمن والأيسر علي التوازي , وعند هذه اللحظة انفرجت أساريري ومررت ببرهة انشكاح _مش علي أساس إني والعياذ بالله بشبه نفسي بالعلماء _ ولكن علي أساس أني أدركت الآن خير اللهم اجعله خير أن لدي فصين أيمن وأيسر وكلاهما يعمل بكفاءة والحمد لله .. وأني مش هوائية ولا مجنونة .. وأني قد أكون انتميت لشعبة الهندسة , ولكن مازلت أدعي أني يوما ما سوف أصبح كاتبة .


فدوى نزار