Friday, July 24, 2009

Light Music



تَجلس وقت الغروب , تُدير إحدى اسطوانات الموسيقي الهادئة , تُخفض صوتَها كثيرا بحيث تتحول إلي همس خافت ...... همس يأخذك معه إلي عالمٍ آخر ...عالم تتحقق فيه كل أحلامك , عالم لا يعكر نقاءه أيُّ شرّ , ولا يوصم ثوبه الناصع أيٌّ من الأفكار الرثة البالية , عالم تحلق فيه مثل طيرٍمغرّدٍ يزيِّنُ صفحة السماء بألوانه الزاهية ...

ولِمَ لا ... لِمَ لا نَحلُم .... لِمَ نعتقد أن الحُلم لا بد وأن يكون مستحيلا ... لِمَ لا نملك تلك العصا السحرية التي تحول أحلامَنا لحقائقَ ملموسة ؟؟
ولِمَ لا نحلُم إلا أثناء نومنا ؟؟ هل لعجزنا عن مواجهة ثورات أحلامنا في يقظتنا ؟؟ أم لخوفنا من عدم قدرتنا علي تحقيقها ؟؟

يالها من سمفونية رائعة .... تحملك بكل رفق كأم تداعب رضيعها

تستمر روحك في الصعود إلي ذلك العالم الخيالي ... حيث تري كل ما ترغب به مُجسّداً نصب عينيك ... تجد فيه الأدلة الواضحة علي أن عملك وسعيك ومجهودك كُلِّلَّ جميعهم بالنجاح ... تري نفسك تسير فوق بساط ممدود تفترشه الزهور ترحيبا بقدومك إلي هذا العالم الجديد .... العالم الخيالي

عالم تحيط به هالةٌ من الحب ... كلٌ يحب الآخر ... كلٌ يتمني الخير والنجاح والراحة لأخيه ... عالم لا يخش فيه أحد غَدر صاحبه, ولا يُسِرُّ فيه شخص مكروها أو ضُرّاً لزميله أو جاره أو أي كائن محيط به, عالم تحول من جماله إلي حديقةٍ غنّاء تمتلئ بكل أنواع الثمار والأشجار ... حديقة لانهائية تشتم في كل أنحائها الهواء النقي الذي يحمل قطرات الندى المنعشة التي تصطدم بوجهك فترسم فوقه ابتسامة إعجاب بقدرة الخالق وإبداعه ونعمه التي لاحصر لها

تتسارع الموسيقي ... وتتسارع معها نبضات قلبك وأنفاسك المتلاحقة ... كمن يعتلي سطح موجَةٍ عاتية في يومٍ عاصف ... ترتطم بالأمواج المجاورة , وأحيانا تعجز عن التنفس , لكن تظل السعادة تغمرك من فرط النشاط والانطلاق .... والحرية

تعود الموسيقي لهدوئها وانسيابها في شرايينك بكل نعومة وشغف ... تغوص إلي أعماق روحك , تتجاذب الحديث مع افكارك المتناثرة ... تعبث في مخيلتك ... أو بالأحري , تعيد ترتيبَها .... تغسل بلحنها العذب كل ذرات نفسك الحائرة .. تُطهّرُ دماءَكَ المسمومة ... تُحي داخلك تلك الأحاسيس التي فقدتها أثناء معترك الحياة القاسية , تبُثُّه من جديد .. ذلك الأمل الشهيد ... الذي طالما قاتل من أجل البقاء إلي آخر قطرة في دم أحلامك المهدرة

تلك السمفونية الساحرة .... تقترب من النهاية .... تُعزَفُ آخر مقطوعاتها .... تنتهي بهدوء شديد مثلما بدأت .... تفتح عينيك , لتعود إلي واقعك وإدراكك ... وتغادر ذلك العالم المثالي ... العالم الخيالي

فدوى نزار