Friday, May 17, 2013

ليتشي


اللي في الصورة فوق دة .. صديقي "ليتشي" .. جبته من المركز العلمي في الكويت

سر ارتباطي ب ليتشي , مش بس إني من ساعة ما شفته , فِضِل ف دماغي كذا يوم لحد ما قررت أشتريه ... لكن كمان لأني يوم ما اشتريته , كان أحد الأيام القاسية جداً في حياتي المعاصرة ... كنت حاسة بوحدة قاتلة , وكنت يومها خارجة لوحدي بتمشي علي الخليج هرباً من كل حاجة في الدنيا ... هربا من الروتين والشغل والناس والغُربة .. وكنت كل ما أبص لمياه الخليج علي مرمي البصر .. أحس أكتر بالوحدة , وكل ما أمشي مسافة أطول أشعر بوحشة الطريق وأبقي خايفة أرجع , وفي نفس الوقت مش عايزة أرجع .. عايزة أستمر أهرب لحد ما أنسي حدود الزمان والمكان ... لحد ما ألاقي نفسي ...., أو أنساها

وأثناء الرحلة عديت علي المركز العلمي , وافتكرت البطريق الجميل اللي شفته هناك , وجبته فعلاً وحسيت كأنه رفيق الدرب ... كنت مبسوطة بيه جداً ..

لما باجي أخرج دلوقتي , بيبقي نفسي آخده معايا .. زي أي طفل بياخد معاه عروسة أو دبدوب في أي مشوار يروحه ... أنا مش عارفة الأطفال بيعملوا كدة ليه (لأني عمري ما حبيت اللعب بالعرايس والدباديب .. كنت بميل أكتر للألعاب النارية من مسدسات وديناميت وبمب) .. لكن حاليا .. عايزة آخد ليتشي معايا عشان أحس إن معايا صديق عمره ما هايسيبني ولا يزهق مني ولا يزعل من حاجة قلتها أو عملتها لحظة انفعال ... عمر اهتماماته وهواياته ما هاتتعارض مع اهتماماتي وهواياتي , .. و دايماً هالاقيه جنبي وهاحضنه لما أحتاج قدر من الحب أو الحنان

لكن ترجع حدود الزمان والمكان تفرض عليا "كواحدة طويلة عريضة ممتدة" إني ماينفعش أمشي ببطريق في الشارع زي العيال ... ما ينفعش واحدة في سني يكون ليها صديق خيالي جامد لن يبادلها أي شيء ... فقط وجوده في عالمها هايفرق معاها .. لكن الآخرين هايشوفوها مجنونة

فدوى نزار

Wednesday, May 15, 2013

كلمة .. صورة .. وما وراءهما


ليس كل ما تقرأ صادق ... وليس كل ما تري واقع

لا أدري كيف كنت سأصمد في هذا العالم بدون الكتابة ... فالورقة هي العالَم الذي أُبحِرُ فيه بقلمي كي أنجو من ضغوطٍ وأحداثٍ قد تفتك بي إذا لم أجد متَنَفَّساً ينتشلني من براثنها ... حتي أن إنتاجي الكتابي كان يصل لقِمَّته أيام الامتحانات أو ضغط العمل أو الأحداث الحزينة في حياتي ... بل إن أفضل ما كتبت كان في أكثر الأوقات قسوة وألماً واكتئاباً ... قد يكون السبب أن الإنسان بطبعه يكون في تلك اللحظات أكثر حساسيةً من غيرها , وبالتالي مشاعره أكثر هشاشة وعُمقاً , وتأثره بما حوله أقوي , فتصبح قدراته علي التعبير في أبهي صورها , وقلمه يتحرك علي الصفحة البيضاء بمرونة ونشاط وثقة أكثر من أي حالات أخري

المُدهِش في الأمر .. أن ما يكتب قد لا يعكس إطلاقا ما يشعر به !! فأحيانا كنت أكتب سطوراً مليئة بالتفاؤل والحماسة رغم غرقي في الإحباط والحزن ... أو أكتب عن المعاناة والألم رغم وجودي فوق قمة السعادة !! ... الموقف بحذافيره يتلخص في مؤثر خارجي (سواء سلبي أو إيجابي) يدفعني بكل قوة للإمساك بقلمي وترك العنان له كي يكتب ما يريد ... كأنما أطلقت جواداً - غير مُدَرَّب - في غابةٍ مترامية الأطراف .. يذهب فيها حيث يشاء , ويسلك أي طريقٍ تأخذه أقدامه إليه ... لا يعرف إلي أين يريد الوصول ولا توجد لديه حدود للزمن ... تختفي كل العوامل من حوله , فيصبح العالم كله هو الورقة والبطل الوحيد هو القلم , وبعد انتهاء الموقعة .. تنظر للورقة فتجد أشلاء حروفك مبعثرة علي أرض المعركة تاركةً ما قد لا يمت لشعورك بصلة ... لكنها فقط تدع جزءاً منك يخرج علي تلك الورقة ليريحك ولو لبرهة من إرهاق الحياة بحلوها ومرارتها

والمفارقة , أن "المتلقي" حين يقرأ كلاما كتبه شخص آخر , فهذا يعني أن الكاتب قد قرر مشاركة ما خطّه مع الآخرين ... وهذا في حد ذاته قد يعني أن ما كتبه ليس التعبير "الصريح" عما يريد أن يقول ... عن تجربة ... حين يعجز قلبي وعقلي عن احتجاز مشاعري , وألجأ إلي وريقاتي كي ألقي ما في جعبتي علي كاهلها , وأكتب ما أرغب في قوله دون مواربة , فإن هذه الوريقات لا تغادر مساحتي الخاصة أبداً ولا أشاركها مع أحدٍ قط ... فهي كمن يتحدث إلي نفسه ... أما الكلام العام , فيخرج للآخرين وتتم مشاركته ونشره وتداوله ... بالطبع يكون أيضا كلاماً صادقاً , لكنه لا يحتوي علي الحقيقة الكاملة ... أو قد تكون الحقيقة مخفية عمداً بين طيات الكلام ... لا يفهمها من "يقرأ" لكن يفهمها من "يشعر" بما يقرؤه

بالضبط كأي صورة نراها لمجموعة من الأفراد ... جميعهم يضحكون .. جميعهم يظهر عليهم المرح ... لكن خلف كل ابتسامة مرسومة تكمن مئات المشاعر التي تحاول الاستتار عن طريق تلك الابتسامات ... نعم هي ابتسامات صادقة , لكنها غير معبرة


الكتابة , زي التصوير .. الاتنين بيخلّدوا ذكرى معينة ... الكتابة بتحكي حكاية لكن الصورة بترسمها ... الكتابة مش شرط تجسد الحقيقة , يمكن تخبيها بين السطور... , زي الصورة , اللي بتشوفه فيها مش بالضرورة يكون حقيقي ... سواء الكتابة أو الصور .. الاتنين محتاجين حد يحس , يقرا بين السطور ويفهم لغة العيون عشان يقدر بجد يعرف الحقيقة

فدوى نزار

Sunday, May 12, 2013

الغِناء

لن أتطرّق للجانب الديني , أو ما تحمله الأغاني من لهو الحديث و المعازف 

لكن من واقع كوني أحب الكلمة المكتوبة , فإني أري أن الغناء ماهو إلا جريمة في حق الشعر ... اختزال لقصيدة معينة , في بعض الأبيات المنتقاة عشوائيا لتناسب اللحن "المُفَصَّل" خصيصاً لإجبار المستمع علي الشعور بما لم تستطع الكلمات ولا صوت المغني إيصاله له ... لتتحول مشاعر إنسانٍ مُرهف وعصارة قلبه ودموعه وتجاربه وسعادته من قصائد تتفجر بما تحمله من انفعالات , إلي شيء مُبتَذَل "يدندنه" شخص ما في إحدي "دورات المياه" مثلا

فبدلا من قراءة الشعر , وإطلاق العنان لخيالك لتصوّر مدي البلاغة في كل بيت تقرؤه  وسفرك إلي عالم آخر يحملك إليه كل حرف تنتقل إليه عيناك والموسيقي الخاصة بك التي تؤلفها وتستمع لها وحدك وبطريقتك علي سُلّم الوزن الذي قدّمه إليك الشاعر ... بدلا من انفرادك بتجربتك المُبتَكَرة , أصبحت مُكرَهاً علي تخيل صوت "نجاة الصغيرة" في كل مرة تحاول فيها التساؤل "متي ستعرف كم أهواك يا رجلا أبيع من أجله الدنيا وما فيها" كما تساءل نزار قباني ... بل وتقفز إلي أذنيك مأساة تغيير كلمة "رجلا" بكل سذاجة إلي كلمة "أملا" ... وكل هذا تصحبه موسيقي مستفزة لا تليق أبداً بمستوى القصيدة

نفس الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها أم كلثوم في حق أبي فراس الحمداني وحق اللغة العربية حين غيرت "بلي" إلي "نعم" في "بلي أنا مشتاق وعندي لوعةٌ ولكن مثلي لا يذاع له سرٌّ" ... ليس فقط للجَهل البيّن الذي قلب المعني رأساً علي عقب , ولكن مَن مِن البشر يملك العَبَث بمشاعر الآخر وعذابه وأفكاره ... من يعطي لشخص ما الحق في تزييف إحساس شخص آخر  ... ناهيك عن كون أغاني أم كلثوم تبدأ بعد مقطوعة موسيقية مُبالََغ في طولها تجعلك تنسي أي قصيدة ستغني بل وتفقد اهتمامك بأي كلمات ستُقال

والأفدح أثراً وما أخشاه , أن يأتي زمنٌ تختفي فيه أبيات كاملة من القصائد لمجرد أن كاظم الساهر عجز عن تلحينها فقرر حذفها من أغانيه  .. فأصبح "الحب المستحيل" يخلو من " أحبُّكِ جداً وأعرف منذ البداية بأني سأفشل , وأني خلال فصول الرواية ساُقتَل , ويُحمَلُ رأسي إليكِ .. وأني سأبقي ثلاثين يوماً مُسَجَّى كطفلٍ علي ركبتيكِ وأفرحُ جداً بتلك النهاية " ... وأصبحت حين أرغب في قراءة القصيدة و أبحث عنها علي صفحات الشبكة العنكبوتية فلا أجد سوي النسخة المُغتالة علي يد كاظم ولا أجدها إلا بعد رحلة بحث مضنية تساهم في زيادة قتامة وجهة نظري عن الأغنية كمبدأ

مفهومي عن الأغاني وما ترتكبه في حق الشعر , هو نفس مفهومي عن ما ترتكبه الأفلام في حق الروايات المكتوبة ... كلاهما قَتلٌ للخيال والإبداع والمشاعر , وتزييف للحقائق ووضع سجون علي عقول المتلقي تمنعه من الغوص في عالمه الخاص


فدوى نزار