Friday, December 18, 2015

امبارح كان عمرى عشرين .. شوف ازاى , أصحى الصبح ألاقينى تلاتين فجأة كدة .. إشى خيال يا ناس



غريب إن يوم ميلادى بيفكّرنى دايماً إنى ماعرفش حاجة عن المستقبل .. يعنى زى النهاردة من سنة ما كنتش أتخيل كل اللى حصل لى السنة دى ... حجم التغيير اللى بيحصل للإنسان ولأفكاره مع الوقت كبير جداً ..فى سنة واحدة ممكن يتخطى أحداث كان متخيل إن الدنيا هاتقف بعدها , يكتشف فى نفسه حاجات ماكانش يعرفها قبل كدة .. يعمل حاجة جديدة ماكانش يتصوّر إنه ممكن يحتك بيها أصلاً .. يحب مواهب جديدة عمره ما تطرّق ليها قبل كدة , .. يكتشف إنه كان غلط فى حاجات أو أفكار معينة كان بينتهجها طول عمره فا يقرر يبطّلها , يبدأ علاقات جديدة وينهى علاقات قديمة ... بيتغير , وممكن حتى يبقى إنسان جديد مايعرفهوش , يمكن دة الحِلو فى الحياة .. إنها متغيرة , مش ثابتة على نفس الوتيرة , كل حاجة وكل الناس وكل العادات والأفكار بتتغير , دايماً فيه شيء ما غير مُتَوَقَّع , دايماً هاتتفاجئ بحاجة أو بحد أو بتصرُّف مش مستنيه يحصل ... أوقات هاتبقى حاجة كويّسة تبسطك , وأوقات التغيير دة هايضايقك أو هايحسسك بالذنب أو إنك اتغيرت لشخص أسوأ ... عادى , الدنيا كدة , بس المهم ماتفضلش سيء على طول , تبدأ وتحاول تتغير , هاتقع وهاتفشل وهاتُحبَط ويمكن تيأس , بس استمر فى المُحاولة , ربنا لما يلاقيك ثابت ومُثابِر وناوى من قلبك تتغير هايساعدك ويعينك لحد ما تنجح وتبقى إنسان أفضل وتحقق أمنياتك وأحلامك

مستغربة برضه من فكرة الأرقام الدائرية فى عُمر الإنسان , مضاعفات الخمسة يعنى , خمسة عشَرة , وهكذا ... يعنى السنة دى كملت 30 , ودة كرقم وكعُمر غريب بصفة عامة .. يعنى الواحد بيحس إنه كِبِر .. كِبِر سِناً لدرجة إن يمكن اللى باقى فى عُمره يبقى مش أدّ اللى راح .. كِبِر لدرجة إنه بيبدأ يعيد حساباته فى حاجات كتير جداً .. فى شخصه وعلاقته بالناس وبربنا, فى شُغلُه ومستقبله .. بيبدأ ياخُد باله من قراراته اللى فاتت واللى جاية , هل كانت سليمة واللا خاطئة , هل يستمر واللا يغيّر موقفه منها .. هل هو كإنسان راضى عن نفسه وعن حياته وعنده استعدادا يكمّل بنفس الطريقة , واللا عايز يتدارك الموقف ويلحق نفسه ويعدلها قبل ما يندم ... سن الثلاثين بيحسسنى إن مفيش وقت , إنى فجأة بقيت مستعجلة وعايزة ألحق أعمل كل حاجة فى الدنيا بسرعة , لو فيه أمنية نفسى أحققها , فهى إنى أبقى إنسانة ربنا هاديها , إنى أقرّب من ربنا أكتر , أوصل لمرحلة مابقاش خايفة أقابل ربنا , مابقاش دايماً حاسة بالتقصير وبإنى بعمل حاجات كتير غلط فى حياتى , نفسى ربنا يعيننى ويهدينى ويجعلنى من عباده الصالحين ويرزقنى طاعته ورضاه

الحاجة اللى مش عايزاها تتغير أبداُ الطِفلة اللى جوّايا , عايزة أفضل مُحتفظة بنفس الانطلاق والشَغَف والحرية والتلقائية والتصرف على سجيّتى من غير ما أحسب الحسابات وأتّخذ الاحتياطات , أستمر على إيمانى بإن الحياة أبسط من كل التعقيد والتفكير والمحاذير والظنون .. عايزة دايماً أحس بالسعادة مع كل حاجة ولو صغيّرة بتحصل لى وكل كلمة حلوة بسمعها من حد , وكل تصرف شيك الناس بتعمله معايا ... البراءة بصفة عامة (مش بمدح فى نفسى , حاشا للّه , بس الطفولة الدائمة نعمة يجب شُكر اللّه عليها) .. آه ونفسى أفضل أحب اللّعب زى العيال الصغيرة مهما كبرت سِناً.

يا رب , أنا يمكن مش عارفة المُستقبل مخبى إيه , بس يا رب الدنيا تبقى أحسن والناس كلها تبقى أسعد ومرتاحين أكتر , ونحس بالأمان , ويارب وفّق كل اللى محتاج توفيق ويسّر أمورهم وأسعَد قلوبهم وأعنّا على ذكرك وشكرك وطاعتك وحُسن عبادتك , ويسّر علينا فراق من نحب إذا كُتِبَ علينا الفقد .. وهوّن علينا مصاعب الدنيا , وارزقنا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب , واجعل خير أيامنا يوم نلقاك يا ربّ العالمين


فدوى نزار

Friday, December 11, 2015

الحَد الآخر للكتابة


بلا شك الكتابة سلاح ذو حدّين .. فهى وسيلة رائعة للتعبير الفورى عن أى شعور يملأ الكاتب بطاقةٍ ما سواء سلبية أو إيجابية فيُفَرِّغ هذه الطاقة من خلال التعبير عنها ببعض الكلمات التى قد لا يستطيع لسبب أو لآخر النطق بها - شخصياً , لا أعرف كيف كنت لأتغلب على مصاعب الحياة دون أن ينعم علىّ الله بنعمة الكتابة - وبالتالى يُعَدّ هذا هو الجانب المُشرق من كون المرء يستطيع التعبير المكتوب عما يدور فى خُلده من أفكار ومشاعر وآراء

الحد الآخر - الجانب المُظلِم - والذى لم أدركه إلا مؤخراً , هو كون كل ما تكتبه يدك ستُحاسَب عليه , سيؤخذ كقرينة ضدك - حتى لو كتبته من سنوات طويلة أو حتى لو تغيّر رأيك أو تبدّلت مفاهيمك للموقف - كأن يأتى شخص ما فى زمن ما ويُقسم بأغلظ الأيمان أن الدكتور مصطفى محمود مُلحِد والدليل كتاباته أثناء مرحلة "الشك" فتدافع أنت عن العلّامة الجليل وتُقسم أنّ الله هداه وأخرجه من الظلمات إلى النور وأنه وصل لمرحلة "اليقين" بعد ذلك , فتجد ذلك الشخص وقد عُمى قلبه ويرفض الاقتناع بأن مفاهيم المرء وقناعاته بل وعقيدته قد تتغير بمرور الزمن
 
 يعنى أنا مثلاً لو تزوجت فى يومٍ ما وقرأ زوجى مدونتى , سيقول لى "بقى انتِ شايفة الجواز زى عقوبة السجن المؤبد " , " بقى انتِ رأيك عن الجواز إنه قيد وكبت للحرية وإن الراجل الشرقى ابن لذينَ رجعى " .. وهكذا , ووقتها قد تهتز ثقته فى كونى راضية بحياتى معه (رغم أنى بالفعل لن أتزوج من لا أرضى وأسعد بالحياة معه) لكن طبقاً لكتاباتى منذ سنوات سيتأكد أنى كارهة للرجال ك "نوع" ورافضةً للزواج ك "مبدأ" ومُرَحّبةً بظل "الحيطة" أكثر من ظلّ "الراجل" طالما أن الحائط "مش هايزهّقنى ف عيشتى زى الراجل" .. وقد ينتهى الأمر - فى حالة كونه أعمى القلب - بأن يرفض تصديق أن آرائى تغيرت أو موقفى تبدّل بعد التجربة العملية أو بعد أن وجدت شخصاً أثبت محدودية نظرتى أو نظريّتى فى الحياة الزوجية - دة مجرد مثل لأن نظرتى حتى الآن لم تتغير بعد - وبالتالى قد يظهر الحد الآخر السلبى للكتابة فى كونها وسيلة لتدخُّل الآخرين فى ماضيك وتاريخك واستخدامهم ضدك - لسبب لا أعلمه - بل والجدال معك فى موضوع قتلته الأيام بحثاً من قبل ولكنك مُطالَب ببعثه من جديد والدفاع عن موقفك تجاهه وإثبات أنك تغيّرت مع الزمن واكتسبت خبرات مختلفة غيّرت منك ومن آرائك 

الكتابة بهذا كما كانت وقتها وسيلة تعبير وتفريغ للطاقات والمشاعر ستصبح بعد عدة سنوات سبباً ومجالاً لاستنفاد الطاقات وإرهاق المشاعر وإدراك قول الله عزّ وجلّ "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" وبالتالى تبدأ أنت فى التفكير جدياً فى اعتزال هؤلاء الأشخاص , سعياً منك للوصول إلى الراحة النفسية والسلام والسعادة وتوفيراً منك لما تبقى لديك من طاقات لا ترغب فى إهدارها دفاعاً عن شخصٍ كُنتَهُ يوماً ما

بالنسبة لى , لم ولن أندم أبداً على أى سطرٍ كتبته فى أى مرحلةٍ عشتها , فأنا من كتبت حتى ولو تغير رأيى , ولم ولن أعطى الحق لأحد لمحاسبتى , فالله وحده من يحاسب البشر وكونه سبحانه وتعالى يحاسب الناس على نيّاتهم ويعلم ما تُخفى صدورهم فلن يظلمنى أو يظن فى ظن سوء - حاشا لله - كما يفعل البشر . ولم ولن أدع طاقاتى تفنى فى أحاديث لا طائل لها , ولم ولن ولا أرغب فى أن يرى الآخرين ما فىّ من خير , فرؤيتهم تخصّهم ... ورغبتهم فى إخماد جذوة انطلاقى وإطفاء بريق عينىّ لن يضُرّ أحداً سواهم , فالحياة ليست تحدٍ والبقاء فيها ليس لمن يُهلِك الآخر , بل البقاء لمن يحتوى الآخر ويُحلّق معه ويخلقان معاً درعاً من السعادة والطاقة الإيجابية يصدّان به كل مصاعب الحياة

اللّهم أدم علىّ نعمة الكتابة


فدوى نزار