Monday, March 29, 2010

إرهاصات الحياة في "بلّاعة" 1- لا أحب عَمَلي ... وتلك بداية الكارثة


الأيام دي عرفت ليه الزجاج هش وقابل للكسر ..., لأنه نقي ... شفاف بحيث إنك لو بصيتله بعينك المُجَرَّدة تقدر تشوف اللي وراه بكل وضوح ... ولهذا ... كانت النتيجة الحتمية إني "أتكسر" مع أول اصطدام بالواقع الحقيقي ... واقع لا مجال فيه للعلم ولا الاجتهاد ولا التّمّيُّز ولا الضمير ولا الأحلام ولا الكفاءة ولا حتي الإرادة أو الصبر.
واقع أُقابل فيه كل أنواع الأحداث المؤسفة التي ترسم جميعاً صورة قاتمة تفسّر لي ما آل إليه حال وطنٍ بأكمله ... وطنٌ لم يَعُد فيه من يُقدّر قيمة العمل أو يميّز الطيب من الخبيث, الراقي من الرَّث..., واقع انعدمت فيه الضمائر والخلائق والعقول .. فافتقر لكل خصائص الحياة المقبولة.

كنت من قبل أعتقد وأؤمن بأن لكل مجتهدٍ نصيب , وعليَّ أن أسعي , وذاكر تنجح , "ولابد عن يوم محتوم تترد فيه المظالم!!" .. لكن فوجئت إن دة كله كلام كتب قديمة ... وإن مفيش أي معني ولا لزمة ولا فايدة من كل اللي بنيته طول عمري , وإن زيّي زي أي حد مابيفهمش أي حاجة في أي اتجاه ... لأ كمان اللي مابيفهمش أحسن لأنه عكسي مش بيقول "لأ" ولا بيسأل ولا بيناقش ... يعني زي أي جَمَاد يذهب إلي حيثُ تضعه أيدى الآخرين ... أو حتي أقدامهم.

قد يري البعض أني أشكو من صغائر الأمور _ علي أساس إن العديد من القرّاء هايقولوا "أين ذهب الرضا" و " حب ما تعمل حتي تعمل مش عارف إيه " أو حتي "انتي ف نعمة هوة حد لاقي " .. وكل جُرعات الاستسلام اللي اتعوّدوا عليها ... لكن أقول ... إن كانت مطالبي "لعب عيال وقلة خبرة" فنعم "أنا عيّلة" _لحداثة سنّي_ وقليلة الخبرة _ بحُكم إني لسة سنة أولي شُغل _ , لكني مازلت في ريعان شبابي وكامل طاقتي , ومن حقّي أن أحلُم وأن أحقق حُلمي .. وأن أعترض علي تلويث صفحة حياتي الناصعة بلحظات استسلام أو حِياد عن المبدأ الرافض للاندماج في مستنقع الفساد الوظيفي.
وطالما أحيا وأتنفس , سأظل أحلُم وأكافح من أجل حُلمي , وأرفض المقايضة أو التنازل عنه "عشان المركب تمشي"

نعم ... أنا من بدأت بالتنازل .. بعت حلمي بأبخس الأثمان بعد رُكوده علي أرفف البطالة لعدة شهور ... ولم أخسر في هذه الصفقة حلمي فقط , بل خسرت نفسي , ومبادئي , وثقتي ... فقدتني ولا أعلم أين ومتي سأجدني ... تحوّلت من قمة التفاؤل والسعادة والطموح إلي قاع الإحباط والألم واليأس ... بدَأَت حياتي تتسرب سريعاً من بين أناملي ... فقدت حتي إمكانية تحديد الطريق الذي أرغب السير فيه ... هل أُنهي هذه المهزلة وأنجو بما تبقي لي من أنفاس متقطّعة و"أستقيل" , أم أستمر في إهانة علمي وعملي وأحلامي مقابل الهروب من "قعدة البيت" (البطالة) ... لا أدري ماذا أفعل ولا أي طريق أسلك.

اللهم ألهمني الصواب ... اللهم أعِنّي ... اللهم أغِثني ... اللهم ثبّتني


فدوى نزار