Thursday, April 14, 2011

قُصاصاتُ عُمرى


صفحةٌ بيضاء ... أنظُرُ إليها طويلاً , لا أعرفُ ماذا سأكتُب ... أرغبُ فقط في البَوحِ بكُلِّ شيءٍ في قلبي ورأسي وخاطرى ... أتوقُ كثيراً للحظةِ الصفاءِ التي تتبعُ مُصارحَةَ المرءِ _لنفسهِ أو غيرهِ_ بمكنوناتِ صدره التي تتحوَّلُ مع الزمن لعبءٍ لا قِبَلَ له بحملِه. لحظةُ التحرُّرِ من قيدِ الكِتمان.

تبدأُ سطورُ الورْقةِ في حملِ كلماتي ... يأخُذُ قَلَمي حثيثاً في رسمِ قطارٍ من الحروفِ المُتَراصّةِ التي تصفُ وتُوَثِّقُ جُزءاً من عُمري ... مرحلةً شاءت الأقدارُ ألاّ تدعها تمُرُّ كغيرِها دون ذِكرى أو أثر ... لا أدري لو قرأتُ هذه السطور بعد فترةٍ من الزمن هل سأذكُرُ تلك الدقائق وكيف كنت أشعرُ حينَ كتبتها ؟ ... هل أستطيعُ تخليدَ تجربةٍ شعوريةٍ بكلِّ معانيها وأحاسيسها , أم أنني فقط أضعُ حروفاً جامدةً صمّاء لا تُجَسِّدُ بأي حالٍ سوى مُحتوىً جافاً يملأُ صفحةً مُهمَلةً هنا أو هناك.

تِلالُ كتاباتي التي تملأُ كلَّ ورقةٍ حولي تُذَكِّرني بالصُوَر ... عِشقي للصُوَرِ يجعَلُني أحتفظُ بمُعظمِ أحداثِ حياتي في قِطَعٍ "فوتوغرافية" صغيرة تُمَثِّلُ أيضاً أيّاماً في حياتي ... كلما اشتقتُ لأشخاصٍ أو أحداثٍ معيَّنة .. أهرعُ إلي صُوَرِهم لأكونَ معهم ... وبدلاً من استعادةِ نفس شعورى السعيد حينها , أجدُني في غايةِ الحزنِ والأسى .. ليس فقط لأن هذا الوقت المرح قد مضى , ولكن أيضاً لأني أفتقدُ هذا الشعور وهؤلاء الأشخاص ... أفتقدُ من كانت يوماً "أنا" ...... وأتمنَّى أن أعود. تماماً مثلما أقرأُ سطوراً كتبتها منذ زمن .. أجدُني فيها ... أرَاني ... ألمسُني ... لكنني لا أستطيعُ استرجاعي ولا استعادةُ نفسي من جديد !! ليسَ إقراراً مني بسوءِ ما وصلتُ إليه , ولا اعتراضاً على حاضرى ... لكنه مجرَّدُ شوقٍ لما مَضَى ... حنينٍ لأيامٍ ذَهَبَت .. ولن تعود.

امتلأت الصفحةُ البيضاءُ عن آخِرِها بنزيفِ خواطِرى ... صارت الحروفُ _من كَثرَتِها_ تتشابكُ وتتراقصُ مُكَوِّنةً صورةً جديدةً ثابتةً تُجَسِّدُ عدة دقائقٍ من حياتي ... دقائق قضيتُها في عالمى الخاص أصيغُ خاطِرةً سأعودُ بعدَها مُباشَرةً لمُمارسةِ حياتي في العالم الواقعي الصَخب ... العالم الذي لم أعُد أدرى إن كنت أنتَمى له حقاً أم أنتَمى لعالمي الخاص ... لا أستطيعُ أن أُجزمَ إن كنت ضيفةً علي هذا العالمِ أم ذاك ... لا أعلمُ هل أذهبُ أم أعود ... هل أنا الأصلُ أم الصورة ؟؟

عُذراً , انتهت ورقتي ... وجفَّ قَلَمي

فدوى نزار

Sunday, April 10, 2011

أسوأ رئيس لمصر

يوجد استفتاء علي "الفيس بوك" يسأل : في رأيك من هو أسوأ رئيس حكم مصر ؟!

وبالطبع تباينت الآراء بين جمال عبد الناصر , السادات , ومبارك ... هذا السؤال جعلني أفكر في ... التاريخ

نعم التاريخ , فكل ما أعرفه عن عهد جمال عبد الناصر والسادات وبدايات عهد مبارك هو فقط روايات بعض من عاشوا تلك الفترات , وقاموا برواية الأحداث طبقاً لوجهات نظرهم أو أهوائهم الشخصية .

فهناك من صوَّر جمال عبد الناصر علي هيئة زعيمٍ ذو شخصيةٍ قوية ورؤية ثاقبة ولو أن القدر أمهله لوصل بالوطن العربيّ للوحدة المنشودة , وهناك من وصفه بالطاغية الديكتاتور الذي كُبتت في عهده جميع الحريّات وقصفت الأقلام واعتقل المعارضين وعُذِّبوا ونُكِّل بهم وبذويهم أحياناً

هناك من ذكر أن السادات هو بطل الحرب والسلام وصاحب نصر أكتوبر المجيد وأنه الرئيس "الداهية" ذو الرأس الحديدية , وفي المقابل لم يذكر له البعض سوى كونه من فتح الباب لتجارة المخدرات والإرهاب و"الانفتاح" حيث أصبح السارق والنصّاب والمجرم أكثر نفوذاً "ونقوداً" من العالم والمهندس والطبيب , بل وانقلب الهرم الاجتماعي رأسا علي عقب بحيث فقدت كل الأشياء معانيها وأصبح حلم الطفلة أن تصبح راقصة والطفل لاعب كرة

مبارك أيضا نال نصيباً من التضارب , والفارق هنا أني ممن شهِدوا عهده (أو الجزءِ الأكبر من عهده ) بنفسي , مما جعلني أُكوّن رأياً عنه كظالِمٍ ضيَّعَ بلداً بأكمله من أجل تحقيق أطماعه الشخصية .. وصل بأبناء أم الدنيا لمرحلة البحث في سلال القمامة عن لقيمات تسد جوعهم , أصبحت مصر تحيا علي المعونات التي تتعطف بها بعض الدول ذات الأغراض الخبيثة عليها من أجل التحكم في مصيرها وتقييدها والعبث بقراراتها ... أصبح حملة المؤهلات العليا يجلسون علي المقاهي في انتظار أحد الإعلانات الباحثة عن شخص (ليس مناسباً علي الإطلاق) ليشغلها , دعت وزاراته الشباب لقبول العمل كأفراد أمن وخادمات (جامعيّين) ... بعد أن كانت دول العالم تتشدق بمنتجات مصر من القمح والقطن أصبحنا نتسوّلهم .. حتي ما منحنا الله إياه من غاز صرنا نصدّره صاغرين لأعدائنا بأبخس الأثمان .. أصبح المتحكم في مصائرنا حفنة من الكائنات المتسلقة التي يُطلق عليها (رجال الأعمال) رغم انتفاء الصفتين (سواء كونهم رجالاً أو امتلاكهم الحقيقي للأعمال)

... لو سألني أي شخص عن مبارك وعهده البائد لأقسمت له أن لا أسوأ من عهده ولا أضلّ من حكمه (بناءً علي وجهة نظري الشخصية) والتي قد لا يتفق معها البعض (من أتباع إحنا آسفين يا ريّس) ويقسموا بأغلظ الأيمان أن مبارك كان قائداً محنكاً نعِمنا في عصره بأزهى مراحل الرخاء (من وجهة نظرهم بالطبع)

ويبقي هنا كون التاريخ نفسه عبارة عن روايات من أشخاص لكل منهم وجهة نظر ورأي خاص به وحده , قد يكون حقيقياً أو مضلِّلاً .. وبالتالي لا نعلم هل نتبعه ونصدّقه أم نرفضه ونعارضه .. بل والمحيّر في الأمر هو لمن نقرأ ؟؟ هلي أقرأ لفلان الذي يكره تلك الحقبة الزمنية بأكملها أم لزميله الذي يراها عصرا ذهبياً لامعاً ... وعلي أي أساسٍ نصدّق هذا أو ذاك ولِمَ ؟؟

حتي التاريخ الفرعوني نفسه وصلَنا من خلال المحفور علي جدران المعابد والمقابر الأثرية (والذي كُتِبَ في ظل حكم هؤلاء الملوك أنفسهم مما قد يجعلها معلومات مغلوطة أُجبِر العامل المسكين علي حفرها قسرا أو حتي تحت تهديد الرماح ولسع السياط) مثلهم في ذلك مثل (اخترناه وبايعناه , وانت الشراع في بحرنا !!) رغم أنني واحدة ممن لم يختاروه ولم يبايعوه (ولكني أعترف أنه الشراع في بحرنا ... شراع بدون مركبٍ أساساً !!) ... وبالتالي , ردّاً علي استفتاء الفيس بوك وردّاً علي كل من اختار رئيساً سابقاً ... حريٌّ بكم أن تحكموا علي من عاصرتوه وليس من سمعتم عنه , ويجدر بكل فرد ان يعترف أن هذه فقط وجهة نظره الشخصية البحتة ولا يرغب بأي حالٍ في تعميمها أو إقناع الآخرينَ بها أو حملهم علي تبنّيها.

وبالنسبة لأسوأ رئيس لمصر فهو "مبارك" (المخلوع أو المتخلّي "رغماً عنه") الذي لم أعاصر غيره بعد , والذي ألقت به أفعاله في "مزبلة التاريخ" بلا رجعة وغير مأسوف عليه .. وتلك وجهة نظري (وبالنسبة لباقي الرؤساء ممن لم أعاصر فلهم ما لهم وعليهم ما عليهم والله تعالي أعلم بهم )


فدوى نزار