Monday, June 27, 2011

إدراكٌ متأخّرٌ للحقيقة


تعوّدت أن أمُرَّ_ علي فتراتٍ متباعدة _ بمرحلةٍ من الاكتئاب أو الإحباط , تجعلني أفقُد كلَّ أشكالِ الرغبةِ في الاستمرار , ولا أري ما يمكنُ أن تحملَه الحياة من بريقٍ أو أمل ... تستمر تلك الحالة بعض الوقت ثم تنقشعُ كغيرها من الغيوم الحزينة ... وحين أتذكرها , أعتبرها عثرةً عادية تُكوِّنُ هي ومثيلاتها سُلَماً أصعد عليه كي أصلَ إلي أهدافي.

للمرة الأولي علي مدار عمري , أدخلُ بعدَ مقاومةٍ عنيفة في واحدةٍ من أشرس مراحل الاكتئاب التي شَهِدَتْها صفحةُ حياتي ... وللمرةِ الأولي أقفُ عندها , أو بالأحرى أقفُ خلالَها وأفكر ... أسألُ نفسي "كيف تصلُ شخصيةٌ سعيدةٌ متفائلةٌ مثلي لهذه الدرجة من الحزن واليأس والاكتئاب ... كيف أفقدُ ثقتي العالية بنفسي وبما حولي وأفقد معها الأمل والشعور ... أرفض كلَّ شيء وأرغب في الابتعاد عن كلِّ شيء وعن كلِّ البشر ... يسيطر عليَّ الأسي بحيث لا أستطيع الخلاص ... كيف تستسلم إنسانةٌ قويةٌ مناضِلة مثلي إلي رياح الإحباط العاصفة ؟؟" ... فكَّرتُ وتساءَلت ... وتوصَّلتُ للحقيقةِ "المؤسفة" التي لم أترُك لنفسي من قبل فرصةَ اكتشافها ... أدركتُ أن كلَّ ما مررتُ به من مراحلِ اليأس ما هو إلا نِتاج وسوسةِ شيطاني لي , مما جعلهُ يُخفي عنّي كلَّ نِعَم الله وأفضاله عليّ ويجعلني أركِّزُ فقط علي الأحداثِ السيّئة وأُغرِقُ نفسي في الحُزن الذي لو توقفتُ لحظةً واحدةً لأدركتُ أنه غير مُبَرَّر من الاساس , وأنني لو نظرتُ لحياتي لرأيتُ مدي السعادةِ التي يُنعم اللهُ بها عليّ في كلِّ وقت , ومدي كرمه وأفضاله التي لا يكفي ما بقيَ لي من عمرٍ لإحصائها أو سردِها

لو أنني فقط قارنتُ حجمَ المشكلةِ التي تُحبطُني , بحجم السعادةِ التي مرَّت عليّ في يومٍ ما , أو بإنجازٍ حققتُه , أو هدفٍ وصلت له ... لأدركتُ تماما مدي حماقتي وضعفَ بصيرتي ... فكيف أحزن ولي ربٌّ أعلمُ أنْ لو اجتمع الناسُ علي أن يضُرّوني بشيء لن يضُرّوني به إلا أن يشاء الله .... كيف أيأسُ ورحمةُ اللهِ وسِعت كلَّ شيء ... كيف أفقدُ الأملَ رغم إيماني بخالِقٍ يَقدِرُ ليَ الخيرَ حيثُ كان ... كيف أستسلمُ لشيطانٍ يمكنني أن أستعيذَ باللهِ جلَّ وعَلَي عليه .... كيف أخشي من ظُلمٍ وبإمكاني الاستعانة بنِعْمَ المَولَى ونِعْمَ النَصير ... كيف ألجأُ إلي الكآبة ولا ألجأُ إلي المُجير ... كيف أعجزُ عن اتخاذِ قرارٍ قبلَ أن أستخيرَ بالعليم الحكيم ...

حقاً كم أنا ساذجة !! ... شخصٌ يعلمُ ويدركُ ويؤمنُ بقدرةِ اللهِ تعالَي وعزَّتِهِ وجلالِهِ ورحمتِهِ وعِلمِهِ ونصرِهِ وعدلِهِ وكرمِهِ ... شخصٌ مثلَ هذا لا يمكنُ أبداً لأي يأسٍ أو إحباطٍ أو حزنٍ أن يسيطرَ عليه ... ولا يجوزُ أن يستسلمَ لشيطانٍ يُنسيه ما هو فيه من نِعَمْ ... ولا يجبُ أن يَرضَى بضيقِ أُفقِهِ وضعفَ بصيرَته.

اللهم اغفر لي ضعفَ بصيرتي , وأعنّي علي شيطانيَ الرجيم ... اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلالِ وجهِك وواسعِ قدرتك وعظيمِ سلطانك


فدوى نزار

Wednesday, June 15, 2011

وتبقي الوحدة القاتلة بين صَخَب الحياة .., وصمت المشاعر


تعجز عقولنا أحياناً عن إيجاد تفسير منطقي أو مبرر لما يحدثُ في عالمِنا المحدود ... فكثيراً ما نجدُ أنفسنا أمامَ موقفٍ أو تجربةٍ لانعرفُ بالضبط لِمَ نواجهها ولِمَ ينبغي علينا الاستمرارُ بها , وكيفَ بدأَت من الأساس . جَلَّ ما نعرفه هو أننا في خِضَمّ المواجهة وليس أمامنا سوى الاستمرار حتي النهاية بغضّ النظر عن ماهيّة تلك النهاية.
لا نعلم هل الطريق الذي نسير به خُضناهُ باختيارنا , أم لأننا لم نجد طريقاً غيرَه .. أم لأنه فُرِضَ علينا من بدايته ... هل سنصلُ لما نريد ؟! وما الذي سنبذله ونضحّي به من أجل الوصول لنهاية هذا الطريق ؟! وهل تكفي أعمارنا لتحمُّل هذه المسيرة أم يُرهِقُنا السعي ونرحل دون أن ندري ماكان ينتظرنا في نهاية طريقنا ؟!

كم هي مُعَقَّدةٌ تلك الحسابات التي ينبغي علينا التفكيرُ فيها قبل كلِّ خطوة نشرُع بها ... وما أطوَل ما يضيعُ من أعمارنا قبل أن ننطِقُ بما يدورُ في قلوبنا وعقولنا ... لِمَ يجبُ أن نُزَيِّفَ كلَّ مشاعرِنا ونقتُلُ أصدَقَ أحاسيسنا ... كيف لنا أن نحيا في عالَمٍ مُفعَمٍ بالحركة , بينما نُبقِي ثَوراتنا حبيسةَ صدورنا ... ولِمَ يتعارض الواقعُ دائما مع أحلامِنا وأمانينا ؟!

ليتَ تحريك خيوطِ اللُّعبة كلها بأيدينا .. ليت ذلك العدوّ الفتّاك المُسمّى بالوحدة يتحوَّل إلي مسرَحٍ ساكنٍ تعزِفُ فيه الحياة الصاخبة أروع ألحانِ الصِّدقِ والنقاء والحُب , علي أوتارِ أعذب المشاعر الساميةِ الصامتة ... وليتني أرتفعُ مع تلك السيمفونية المُلهِمة إلي آفاقِ السماء ... وأختَفي.



فدوى نزار