Friday, December 18, 2015

امبارح كان عمرى عشرين .. شوف ازاى , أصحى الصبح ألاقينى تلاتين فجأة كدة .. إشى خيال يا ناس



غريب إن يوم ميلادى بيفكّرنى دايماً إنى ماعرفش حاجة عن المستقبل .. يعنى زى النهاردة من سنة ما كنتش أتخيل كل اللى حصل لى السنة دى ... حجم التغيير اللى بيحصل للإنسان ولأفكاره مع الوقت كبير جداً ..فى سنة واحدة ممكن يتخطى أحداث كان متخيل إن الدنيا هاتقف بعدها , يكتشف فى نفسه حاجات ماكانش يعرفها قبل كدة .. يعمل حاجة جديدة ماكانش يتصوّر إنه ممكن يحتك بيها أصلاً .. يحب مواهب جديدة عمره ما تطرّق ليها قبل كدة , .. يكتشف إنه كان غلط فى حاجات أو أفكار معينة كان بينتهجها طول عمره فا يقرر يبطّلها , يبدأ علاقات جديدة وينهى علاقات قديمة ... بيتغير , وممكن حتى يبقى إنسان جديد مايعرفهوش , يمكن دة الحِلو فى الحياة .. إنها متغيرة , مش ثابتة على نفس الوتيرة , كل حاجة وكل الناس وكل العادات والأفكار بتتغير , دايماً فيه شيء ما غير مُتَوَقَّع , دايماً هاتتفاجئ بحاجة أو بحد أو بتصرُّف مش مستنيه يحصل ... أوقات هاتبقى حاجة كويّسة تبسطك , وأوقات التغيير دة هايضايقك أو هايحسسك بالذنب أو إنك اتغيرت لشخص أسوأ ... عادى , الدنيا كدة , بس المهم ماتفضلش سيء على طول , تبدأ وتحاول تتغير , هاتقع وهاتفشل وهاتُحبَط ويمكن تيأس , بس استمر فى المُحاولة , ربنا لما يلاقيك ثابت ومُثابِر وناوى من قلبك تتغير هايساعدك ويعينك لحد ما تنجح وتبقى إنسان أفضل وتحقق أمنياتك وأحلامك

مستغربة برضه من فكرة الأرقام الدائرية فى عُمر الإنسان , مضاعفات الخمسة يعنى , خمسة عشَرة , وهكذا ... يعنى السنة دى كملت 30 , ودة كرقم وكعُمر غريب بصفة عامة .. يعنى الواحد بيحس إنه كِبِر .. كِبِر سِناً لدرجة إن يمكن اللى باقى فى عُمره يبقى مش أدّ اللى راح .. كِبِر لدرجة إنه بيبدأ يعيد حساباته فى حاجات كتير جداً .. فى شخصه وعلاقته بالناس وبربنا, فى شُغلُه ومستقبله .. بيبدأ ياخُد باله من قراراته اللى فاتت واللى جاية , هل كانت سليمة واللا خاطئة , هل يستمر واللا يغيّر موقفه منها .. هل هو كإنسان راضى عن نفسه وعن حياته وعنده استعدادا يكمّل بنفس الطريقة , واللا عايز يتدارك الموقف ويلحق نفسه ويعدلها قبل ما يندم ... سن الثلاثين بيحسسنى إن مفيش وقت , إنى فجأة بقيت مستعجلة وعايزة ألحق أعمل كل حاجة فى الدنيا بسرعة , لو فيه أمنية نفسى أحققها , فهى إنى أبقى إنسانة ربنا هاديها , إنى أقرّب من ربنا أكتر , أوصل لمرحلة مابقاش خايفة أقابل ربنا , مابقاش دايماً حاسة بالتقصير وبإنى بعمل حاجات كتير غلط فى حياتى , نفسى ربنا يعيننى ويهدينى ويجعلنى من عباده الصالحين ويرزقنى طاعته ورضاه

الحاجة اللى مش عايزاها تتغير أبداُ الطِفلة اللى جوّايا , عايزة أفضل مُحتفظة بنفس الانطلاق والشَغَف والحرية والتلقائية والتصرف على سجيّتى من غير ما أحسب الحسابات وأتّخذ الاحتياطات , أستمر على إيمانى بإن الحياة أبسط من كل التعقيد والتفكير والمحاذير والظنون .. عايزة دايماً أحس بالسعادة مع كل حاجة ولو صغيّرة بتحصل لى وكل كلمة حلوة بسمعها من حد , وكل تصرف شيك الناس بتعمله معايا ... البراءة بصفة عامة (مش بمدح فى نفسى , حاشا للّه , بس الطفولة الدائمة نعمة يجب شُكر اللّه عليها) .. آه ونفسى أفضل أحب اللّعب زى العيال الصغيرة مهما كبرت سِناً.

يا رب , أنا يمكن مش عارفة المُستقبل مخبى إيه , بس يا رب الدنيا تبقى أحسن والناس كلها تبقى أسعد ومرتاحين أكتر , ونحس بالأمان , ويارب وفّق كل اللى محتاج توفيق ويسّر أمورهم وأسعَد قلوبهم وأعنّا على ذكرك وشكرك وطاعتك وحُسن عبادتك , ويسّر علينا فراق من نحب إذا كُتِبَ علينا الفقد .. وهوّن علينا مصاعب الدنيا , وارزقنا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب , واجعل خير أيامنا يوم نلقاك يا ربّ العالمين


فدوى نزار

Friday, December 11, 2015

الحَد الآخر للكتابة


بلا شك الكتابة سلاح ذو حدّين .. فهى وسيلة رائعة للتعبير الفورى عن أى شعور يملأ الكاتب بطاقةٍ ما سواء سلبية أو إيجابية فيُفَرِّغ هذه الطاقة من خلال التعبير عنها ببعض الكلمات التى قد لا يستطيع لسبب أو لآخر النطق بها - شخصياً , لا أعرف كيف كنت لأتغلب على مصاعب الحياة دون أن ينعم علىّ الله بنعمة الكتابة - وبالتالى يُعَدّ هذا هو الجانب المُشرق من كون المرء يستطيع التعبير المكتوب عما يدور فى خُلده من أفكار ومشاعر وآراء

الحد الآخر - الجانب المُظلِم - والذى لم أدركه إلا مؤخراً , هو كون كل ما تكتبه يدك ستُحاسَب عليه , سيؤخذ كقرينة ضدك - حتى لو كتبته من سنوات طويلة أو حتى لو تغيّر رأيك أو تبدّلت مفاهيمك للموقف - كأن يأتى شخص ما فى زمن ما ويُقسم بأغلظ الأيمان أن الدكتور مصطفى محمود مُلحِد والدليل كتاباته أثناء مرحلة "الشك" فتدافع أنت عن العلّامة الجليل وتُقسم أنّ الله هداه وأخرجه من الظلمات إلى النور وأنه وصل لمرحلة "اليقين" بعد ذلك , فتجد ذلك الشخص وقد عُمى قلبه ويرفض الاقتناع بأن مفاهيم المرء وقناعاته بل وعقيدته قد تتغير بمرور الزمن
 
 يعنى أنا مثلاً لو تزوجت فى يومٍ ما وقرأ زوجى مدونتى , سيقول لى "بقى انتِ شايفة الجواز زى عقوبة السجن المؤبد " , " بقى انتِ رأيك عن الجواز إنه قيد وكبت للحرية وإن الراجل الشرقى ابن لذينَ رجعى " .. وهكذا , ووقتها قد تهتز ثقته فى كونى راضية بحياتى معه (رغم أنى بالفعل لن أتزوج من لا أرضى وأسعد بالحياة معه) لكن طبقاً لكتاباتى منذ سنوات سيتأكد أنى كارهة للرجال ك "نوع" ورافضةً للزواج ك "مبدأ" ومُرَحّبةً بظل "الحيطة" أكثر من ظلّ "الراجل" طالما أن الحائط "مش هايزهّقنى ف عيشتى زى الراجل" .. وقد ينتهى الأمر - فى حالة كونه أعمى القلب - بأن يرفض تصديق أن آرائى تغيرت أو موقفى تبدّل بعد التجربة العملية أو بعد أن وجدت شخصاً أثبت محدودية نظرتى أو نظريّتى فى الحياة الزوجية - دة مجرد مثل لأن نظرتى حتى الآن لم تتغير بعد - وبالتالى قد يظهر الحد الآخر السلبى للكتابة فى كونها وسيلة لتدخُّل الآخرين فى ماضيك وتاريخك واستخدامهم ضدك - لسبب لا أعلمه - بل والجدال معك فى موضوع قتلته الأيام بحثاً من قبل ولكنك مُطالَب ببعثه من جديد والدفاع عن موقفك تجاهه وإثبات أنك تغيّرت مع الزمن واكتسبت خبرات مختلفة غيّرت منك ومن آرائك 

الكتابة بهذا كما كانت وقتها وسيلة تعبير وتفريغ للطاقات والمشاعر ستصبح بعد عدة سنوات سبباً ومجالاً لاستنفاد الطاقات وإرهاق المشاعر وإدراك قول الله عزّ وجلّ "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" وبالتالى تبدأ أنت فى التفكير جدياً فى اعتزال هؤلاء الأشخاص , سعياً منك للوصول إلى الراحة النفسية والسلام والسعادة وتوفيراً منك لما تبقى لديك من طاقات لا ترغب فى إهدارها دفاعاً عن شخصٍ كُنتَهُ يوماً ما

بالنسبة لى , لم ولن أندم أبداً على أى سطرٍ كتبته فى أى مرحلةٍ عشتها , فأنا من كتبت حتى ولو تغير رأيى , ولم ولن أعطى الحق لأحد لمحاسبتى , فالله وحده من يحاسب البشر وكونه سبحانه وتعالى يحاسب الناس على نيّاتهم ويعلم ما تُخفى صدورهم فلن يظلمنى أو يظن فى ظن سوء - حاشا لله - كما يفعل البشر . ولم ولن أدع طاقاتى تفنى فى أحاديث لا طائل لها , ولم ولن ولا أرغب فى أن يرى الآخرين ما فىّ من خير , فرؤيتهم تخصّهم ... ورغبتهم فى إخماد جذوة انطلاقى وإطفاء بريق عينىّ لن يضُرّ أحداً سواهم , فالحياة ليست تحدٍ والبقاء فيها ليس لمن يُهلِك الآخر , بل البقاء لمن يحتوى الآخر ويُحلّق معه ويخلقان معاً درعاً من السعادة والطاقة الإيجابية يصدّان به كل مصاعب الحياة

اللّهم أدم علىّ نعمة الكتابة


فدوى نزار

Saturday, November 14, 2015

الحُب لا يصنع المعجزات

طالما أعجبتنى تلك الروايات والأفلام التى تُرَوّج لفكرة أن لا مُستَحيل مع الحُب , وأن الحُب يمكنه تغيير أى شيء وكل شيء ... الجميلة التى تجعل الوحش أمامها كالحَمَل الوديع , "مارى رايلى" التى جعلت السفاح القاتل ينتحر خوفاً عليها من نفسه - قتل نفسه حتى لا يؤذيها أثناء ثورته وغضبه - "إيزابيلا" البشرية التى وقفت بين مُستَذءَب ومصاص دماء فمنعتهما من الاقتتال لأنهما يحبانها .. وما إلى ذلك من أساطير , كنت أعتقد - أو أتمنى - أن تكون حقيقية 

مع مرور الزمن , أدركت أنها خيالات , أحلام لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع وبالتالى تتحول لروايات وأفلام وأشعار نشاهدها لنقنع أنفسنا أنه يوجد فى هذا العالم ما يُسمّى بالحُب وأن هذا الشيء الخُرافى لا يُقهَر ... فالحُب فى الحقيقة لا يصنع المُعجزات .. لا يُغَيّر الأشخاص ولا يصمد فى أى مواجهة ... الحُب على العَكس شعور ضعيف يقتله كل شيء ! تقتله الغيرة العمياء ويقتله البُعد ويقتله الشك وتقتله القيود ويقتله التَحَكُّم ويقتله التَمَلُّك ويقتله الحُزن وتقتله القسوة .. الحُب أضعف من أن يخلق التفاهم والسعادة والثقة والتسامح والراحة والسلام النفسى .. الحُب وحده لا يكفى للشعور بالأمان والاستقرار والحماية .. الحُب لا يُوَفّر صدراً يحتضننا ولا كتفاً نستند عليه وقت الحاجة .. الحُب لا يمنع الوحدة - بل يزيدها - لا يقضى على التوترات - بل يضيف إليها - لا يتفادى المُشاحنات - بل يختلقها - ... الحُب قد يكون العدو الأخطر لراحة البال

الحُب مثل المُخَدّر , يعطى شعوراً مؤقتاً بالسعادة الزائفة ثم لا يلبث أن يختفى أثره ليترك المرء يصارع أعراض الإدمان  .. من يؤمن بالحُب عليه أن يستعدّ دائماً للخذلان

الحُب اختراع نخدع به أنفسنا لنقنعها أن القادم أفضل وأن كل مشاكل الحياة ستُحَل بمجرد الوقوع فى الحُب , أو أننا حالياً نُعانى لأننا لم نختبر هذا الشعور بعد... الحُب مُجَرَّد كلام

لا أُنكر أن بعضاً منى لايزال يرغب فى النهاية فى العودة للزمن الذى كنت أرى فيه الحُب طوقاً للنجاة ... ولا أستطيع أن أُجزم أننى سأضع أسلاكاً شائكة على قلبى حتى لا يصل إلى بابِهِ أحد ... لا عِلم لى بالمُستقبَل, ولكن فى هذه اللحظة من الحاضر سأكتفى برؤيتى للحُب فى الروايات والأفلام كقصص الخيال العِلمى ... إلى أن يَثبُت العَكس

فدوى نزار

Saturday, September 26, 2015

إنى أتنفسُّ حُرّية



أعتقد , أنه لا يوجد تعريفٌ شاملٌ ومُحَدَّد للحُرّية ... فالحرية توجَدُ فى كل شيء ... فى الدِين , حرية العقيدة , فى القرارات, حرية الاختيار, فى الحياة اليومية , حرية التصرَُف .... كلُّ شيء وأيُّ شيء فى هذا الكون يحملُ مظهراً من مظاهر الحرية

بعض الناس يُمكن كبحَ جماح حريّاتها , أو التحكّم فى قَدر وحدود تلك الحُريّات .. تقنينها إن صحَّ القول .. والبعض الآخر - أنا منهم - يرى أن مجرد التفكير فى رسم خطوط عريضة  للحرية هو فى حد ذاته قَيد وكَبت وفرض للسيطرة ينفى مبدأ الحرية من الأساس , وبالتالى , يرفضون الانصياع لأى قواعد أو أوامر أو آراء تمَسّ حريّاتهم

الحرية - طالما صاحبها يملك حُسنَ التصرُّف - فهى حقٌ أصيل , وبالطبع طالما لا تؤذى الآخرين (من مُنطَلَق : أنت حرّ بقدر ما أنت مسئول ... وأنت حرّ ما لم تضُرَ) .. وبالتالى يمكن لأى إنسانٍ عاقل أن ينعم بأقصى قدر يستطيعه من الحرّية 

لا أعلمُ تحديداً هل للنَشأة علاقة بتقدير الحُرّيّة .. بمَعنى , هل لو تربّيت فى منزلٍ يضع القيود والممنوعات والحواجز حول كل شيء , كنت سأعشق الحرّية أم سأعتاد مَحبَسى وأعتبر كل مظاهر الحرّية خرقاً للعادات والتقاليد وانفتاحاً زائداً وخروجاً عن الحياء ... أم كُنتُ سأتوق إليها لأن الممنوع مرغوب .. عموماً , أعلم أنى بسبب نشأتى فى أسرة أحسنت تربيتى وبالتالى أعطتنى الحرية دون قيدٍ أو شرط لعلمهم بأنى سأُحسِنُ استخدامها , أصبحتُ أُعلِى كثيراً من شأن وقيمة الحرّية فى حياتى , وأُدرِكُ حجم النعمة التى أنعمها علىّ الله  أن مكّننى من الانطلاق فى هذا العالم واكتشافه بنفسى ورؤية الأشياء بعينى لا بعين المجتمع وما أرساه من قواعدٍ عمياء نتّبعها دون تفكير أو مبرّر منطقىّ ... طوال عمرى - بفضل الله - لى حرّية كل شيء , حرّية الدراسة حيثما أريد , حُرّية الاختيار, حرّية السَفَر , حرّية تحديد من أتعامل معهم , حرّية القول والتعبير, حرّية الاستمرار أو التوقف عن أى شيء, حرّية الاستمتاع بكونى إنسانة مُستَقِلة تستطيع الاعتماد على نفسها , حرّية ألا أكون تابعاً لأحد, وألا أنتظر إذناً أو تفويضاً من أحد , حرّية اختيار مسار حياتى  ... بصفة عامة , حرّية أن أكون " نفسى " لا مسخاً مُشَوّهاَ من أحدٍ أياً كان

 سعيدة ؟ بالطبع نعم - اللّهم لك الحمد -. هل الحرّية المُطلَقة سهلة وليس لها أى عيوب؟ بالطبع لا , فالحرّية مسئولية شاقة , فأنتَ وحدك من سيتحمل عواقب قراراته واختياراته , وأنت وحدك ستواجه اعتراضات مُعتَقَلى السجون الفكرية , وأنت وحدك من سيعانى نظرة المجتمع له كشخص مُتحرّر - والتى أصبحت سُبة فى جبين عصرنا - , أنت وحدك من سيشعر بالاختناق من تحكُّم الآخرين ممن لا يعرفون أن الحرّيّة بالنسبة لكَ كالماء والهواء , وأنت وحدك الذى قد يخسر أشخاصاً رَأَو فى أنفسهم مُدَرّبين للوحوش قادرين على ترويضك وفرض سيطرتهم عليك ناسين - أو متناسين - كونك إنساناً يملك حرّية رفض الحياة فى أقفاصهم , ويملك الحق المشروع فى الارتباط بمن يفهمه لا من يملكه. سيتذَرَّعون بالحُب وكونه سبباً كافياً للتنازُل والتخلى عن كلّ شيء من أجلهم. لا تُصَدّقهم .. فالحُب .. حُرّية

فدوى نزار


Thursday, August 20, 2015

دراما الواقع





نحن شعب تعَوَّد أن العمل لا يُصبحُ فَنّياً إلا لو امتلأ بالحُزن والكآبة .. بالدراما ... فالقصة لا تكون واقعية من وجهة نظرنا إلا لو عانَى أبطالها من مشاكل مُعَقَّدة لا تنتهى إلا فى الصفحة الأخيرة من الرواية أو الحلقة الأخيرة من التمثيلية أو الدقيقة الأخيرة فى الفيلم ...عُمر المأساة أطول كثيراً من لحظات الأَمَل , ومساحة الابتلاء أوسع من حجم النِعَم ... خَلَقنا بأيدينا نَمَطاً من الأَسَى لا نقتنع بإمكانية الحياة بدونه , أصبحنا نستمتع بمشاهدة أنفسنا نتعذّب ونُهدِر ما لدينا من طاقات وأعمار فى انتظار النهاية السعيدة ... قد نُهمِل السعى (على اعتبار أن الفَشَل من أساسيات الحَبكة الدرامية) قد نَرضى بأوضاع مُرهِقة ومؤلمة وشاقة نفسياً ومادياً وبدنياً ونتعلل بوجوب الرضا بالقضاء والقدر وحتمية قبول النصيب) نخشى التغيير والمخاطرة (فحالنا أفضل من غيرنا , فلِمَ نغامر أو نتقدم .. هناك فى هذا العالم من يحسدنا على ما نحن فيه وبالتالى لا يجب التطلع لما هو أفضل) ... نعتبر كل محاولة للتغيير بَطراً للنعمة , وننسى أو نتناسى أن من مظاهر شُكر النِعمة تنميتها , فمن أنعم الله عليه بهوايةٍ ما مثلاً, يجب عليه ممارستها وتطوير ذاته فيها , والعناية بها كنوع من عرفانه بفضل الله عليه.

حوّلنا مبدأ الاستمرار فى فعل شيء ما وقبول عيوبه ونتائجه وذبول زهرة شبابنا فيه إلى رمز للوفاء والمُساندة وعدم التخلى عن الآخرين , رغم أننا بهذا نخذل أنفسنا بالدرجة الأولى ونخسرها تدريجياً حتى لا يصبح لوجودها هدفاً إلا إرضاء الآخرين ودعمهم وتغليب مصالحهم ومكاسبهم على حساب أرواحنا وطموحاتنا وحماستنا وسعادتنا

معظمنا مريض بحُب تعذيب الذات (إلا من رحم ربّى) .. لا نصدّق أن بإمكاننا اختيار الطريق الأسهل أو الأفضل , بل نقنع أنفسنا ومن حَولَنا أننا مُسَيَّرين ولا نملكُ الحقَّ فى إدارةِ دفةِ حياتنا كما نريد ... لا نُدرِكُ أن مفاتيح سعادتنا ونجاحنا فى أيدينا ونحن فقط من نملك تحديد مصائرنا ورسم ملامح مستقبلنا , ولايجب أن نستمر فى أحزاننا بإرادتنا ... إذا شعرت بالحزن والألم لا تنتظر بطلاً يحملُ عصاً سحرية ليُعلِن نهاية معاناتك فى ختام رحلتك لأنه حتى فى أفلام السينما عندما تُحَل جميع المُشكلات (حلاً غير منطقىّ فى معظم الأحيان) يكون الفيلم قد انتهى .. فقد ينتهى عمرك قبل إسدال الستار وقبل كتابة النهاية السعيدة.

كفانا ما عَهِدنا من طاقاتٍ سلبية , ولنتفكر فى قول الله تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ... لِمَ لا نُجَرِّب التفاؤل وإحسان الظن بالله ونكتب لأنفسنا بأيدينا قصصاً مُبهِجة يعيش أبطالها فى سعادةٍ وتألُّق وإيجابية وسعى وتجديد واطمئنان ويقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً * ... فلنجعل أيامنا كلها سعيدة وليست النهايات فقط ... فلنترك الدراما ونعيش الواقع.



فدوى نزار

Friday, April 17, 2015

عندى مشكلة فى التعبير





مش قصدى التعبير اللى فى امتحان اللغة العربية (دة كان من الأجزاء المفضلة فى الامتحان هو والنحو) ... لكن مشكلتى فى التعبير الشفوى ! يعنى صعب علىَّ جداً الكلام عن حاجة حاسة بيها, رغم إنى بعرف أصيغ الكلام كويس "كتابةً" , لكن مش بعرف أبداً أقوله  شفوى بلسانى (حتى لو نفس الكلام لنفس الأشخاص) ... يعنى مثلا صاحباتى, مش بعرف أقول لهم إنى بحبهم شفوى , ممكن أقولها ف بوست على النت , فى كارت , فى مسدج على الموبايل , إنما عمرى أبدا ما قلتها شفوى ... مش بعرف ! حتى ماما و بابا وأخويا , عمرى ما بقول لحد منهم يا حبيبى أو يا حبيبتى , مش بعرف , مهما كنت حاسة الكلمة.

زمان (مش زمان أوى يعنى , لحد عهد قريب جداً) كنت معتقدة إن ماحدّش فى الدنيا فاهمنى , وكنت بتضايق لما أحس إنى فى عز الزعل والضغط ماحدّش بيقول لى "مالِك" ولا بيطبطب علىَّ أو يحضُنّى مثلاً ... كنت بعتبر دة عدم اهتمام من المحيطين , والمشكلة المؤلمة لو الناس دى قريبة منى ... بس مؤخراً بدأت أبص للموضوع  بنظرة مختلفة , ما يمكن أنا اللى مش بعبّر عن مشاعرى , ما يمكن مش باين علىَّ إنى متضايقة (بحكم إنى شخصيتى قوية ) .. لما بدأت أقرأ عبقرية عُمَر للعقاد , كانت اللغة فيه صعبة جداً, وقتها قلت "العقاد دة أسلوبه مُعَقَّد جداً" ... ماقلتش إن أنا اللى ضعيفة فى اللغة العربية, لأ, هو اللى أسلوبه مش مفهوم .. بنفس الطريقة , لو الآخرين مش فاهمينّى ممكن تكون دى مشكلتى أنا.

وما يزيد المشكلة عُمقاً إنى حتى بعدما عرفتها, مش هاقدر أحلها ! مش بس لأنى مش هاقدر أتغلب على طبيعتى كإنسانة لا تميل للكلام بقدر ما تميل للكتابة , إنما كمان لأنى لما بنطق الكلام بيتحول الموقف لدراما تركية ! ممكن أعيط مثلاً لما أتكلم مع واحدة صاحبتى وإحنا قافشين على بعض, مش هاقدر أتحكم فى مشاعرى ... وبالتالى , حتى لما بقرر أتكلم فى حاجة مهمة معنوياً, بينتهى الموضوع لأنى ساكتة وبسمع الطرف الآخر وخلاص ... كمان صعب جداً الإنسان يطلب التعاطف من الآخرين, فا أكيد مش هاعبّر عن مكنونات صدرى فى سبيل كلمة حلوة حد هايتبرع بيها لما يسمعنى من باب التعاطُف , يكفينى إرهاقاً كتمانى لما أحتاج قوله

كمان أحياناً ممكن أبتسم بعد سماع كلمة عابرة من حد وتكون جارحة ... غالباً هاعمل نفسى ما خدتش بالى , هافوّت , ومش هاتوقف عندها كثيراً (أمام قائلها) مهما كانت مؤلمة ... كتير بضحك على حاجات مزعجة لمجرد إنى مايبانش علىَ التأثُّر .. وكتير بسمع كلام مش عاجبنى ومش بعلّق عليه , وكتير بكون عارفة إن فيه ناس واخدة عنى فكرة خاطئة بس مش بتعب نفسى فى تصحيحها , مش مهتمة أغير وجهات نظر الناس عنى , ليست عندى هذه الطاقة , وهم ليس عندهم القدرة على التمييز .. وفى الحالتين , لا يهمنى إلا أن أكون سائرة فى الطريق الصحيح وليحتفظوا هم بأفكارهم السلبية السيئة لأنفسهم 

عموماً , يمكن اكتشاف إنى أنا اللى عندى مشكلة فى التعبير عن مشاعرى دة يخلينى أتصالح أكثر مع المحيطين بى , ولا ألومهم على غموضى ولا مشاكلى التى لا يعلموها .. لعل هذا الاكتشاف يُسَهّل حياتى ويقلل من عقدة الاضطهاد عندى .. ولعل الله يهدى سيئى الظن وينير بصائرهم كى يميزوا الخبيث من الطيب .. ومين عارف, ما يمكن ربنا يرزقنى بحد يفهم صمتى ويكون بيوزّع كلام حلو وتصرفات أحلى طول الوقت سواء عندى مشكلة أو لأ ... ولكل الناس اللى مش بكلمهم , أنا مش بحب ومش بافضّل ولا برتاح فى الكلام , ومش ببعت رسائل أو بوستس على النت كنوع من الاستسهال أو توفير الوقت , لأ, لكن دى (الكتابة) هى وسيلتى الأكثر تعبيراً وأُلفة للتواصُل

فدوى نزار