Saturday, September 26, 2015

إنى أتنفسُّ حُرّية



أعتقد , أنه لا يوجد تعريفٌ شاملٌ ومُحَدَّد للحُرّية ... فالحرية توجَدُ فى كل شيء ... فى الدِين , حرية العقيدة , فى القرارات, حرية الاختيار, فى الحياة اليومية , حرية التصرَُف .... كلُّ شيء وأيُّ شيء فى هذا الكون يحملُ مظهراً من مظاهر الحرية

بعض الناس يُمكن كبحَ جماح حريّاتها , أو التحكّم فى قَدر وحدود تلك الحُريّات .. تقنينها إن صحَّ القول .. والبعض الآخر - أنا منهم - يرى أن مجرد التفكير فى رسم خطوط عريضة  للحرية هو فى حد ذاته قَيد وكَبت وفرض للسيطرة ينفى مبدأ الحرية من الأساس , وبالتالى , يرفضون الانصياع لأى قواعد أو أوامر أو آراء تمَسّ حريّاتهم

الحرية - طالما صاحبها يملك حُسنَ التصرُّف - فهى حقٌ أصيل , وبالطبع طالما لا تؤذى الآخرين (من مُنطَلَق : أنت حرّ بقدر ما أنت مسئول ... وأنت حرّ ما لم تضُرَ) .. وبالتالى يمكن لأى إنسانٍ عاقل أن ينعم بأقصى قدر يستطيعه من الحرّية 

لا أعلمُ تحديداً هل للنَشأة علاقة بتقدير الحُرّيّة .. بمَعنى , هل لو تربّيت فى منزلٍ يضع القيود والممنوعات والحواجز حول كل شيء , كنت سأعشق الحرّية أم سأعتاد مَحبَسى وأعتبر كل مظاهر الحرّية خرقاً للعادات والتقاليد وانفتاحاً زائداً وخروجاً عن الحياء ... أم كُنتُ سأتوق إليها لأن الممنوع مرغوب .. عموماً , أعلم أنى بسبب نشأتى فى أسرة أحسنت تربيتى وبالتالى أعطتنى الحرية دون قيدٍ أو شرط لعلمهم بأنى سأُحسِنُ استخدامها , أصبحتُ أُعلِى كثيراً من شأن وقيمة الحرّية فى حياتى , وأُدرِكُ حجم النعمة التى أنعمها علىّ الله  أن مكّننى من الانطلاق فى هذا العالم واكتشافه بنفسى ورؤية الأشياء بعينى لا بعين المجتمع وما أرساه من قواعدٍ عمياء نتّبعها دون تفكير أو مبرّر منطقىّ ... طوال عمرى - بفضل الله - لى حرّية كل شيء , حرّية الدراسة حيثما أريد , حُرّية الاختيار, حرّية السَفَر , حرّية تحديد من أتعامل معهم , حرّية القول والتعبير, حرّية الاستمرار أو التوقف عن أى شيء, حرّية الاستمتاع بكونى إنسانة مُستَقِلة تستطيع الاعتماد على نفسها , حرّية ألا أكون تابعاً لأحد, وألا أنتظر إذناً أو تفويضاً من أحد , حرّية اختيار مسار حياتى  ... بصفة عامة , حرّية أن أكون " نفسى " لا مسخاً مُشَوّهاَ من أحدٍ أياً كان

 سعيدة ؟ بالطبع نعم - اللّهم لك الحمد -. هل الحرّية المُطلَقة سهلة وليس لها أى عيوب؟ بالطبع لا , فالحرّية مسئولية شاقة , فأنتَ وحدك من سيتحمل عواقب قراراته واختياراته , وأنت وحدك ستواجه اعتراضات مُعتَقَلى السجون الفكرية , وأنت وحدك من سيعانى نظرة المجتمع له كشخص مُتحرّر - والتى أصبحت سُبة فى جبين عصرنا - , أنت وحدك من سيشعر بالاختناق من تحكُّم الآخرين ممن لا يعرفون أن الحرّيّة بالنسبة لكَ كالماء والهواء , وأنت وحدك الذى قد يخسر أشخاصاً رَأَو فى أنفسهم مُدَرّبين للوحوش قادرين على ترويضك وفرض سيطرتهم عليك ناسين - أو متناسين - كونك إنساناً يملك حرّية رفض الحياة فى أقفاصهم , ويملك الحق المشروع فى الارتباط بمن يفهمه لا من يملكه. سيتذَرَّعون بالحُب وكونه سبباً كافياً للتنازُل والتخلى عن كلّ شيء من أجلهم. لا تُصَدّقهم .. فالحُب .. حُرّية

فدوى نزار