Monday, October 29, 2012

كيفَ يكتُب الإنسان وَصِيّة ؟؟



لا أقصد بالطبع الجزء المادّى أو الإرث , ولكني أقصد "آخِر" كلّ شيء ... آخر كلمة أرغب بقولها لكل شخص أعرفه , آخر طَلَب , آخر ذِكرَى , آخر صورة , آخر سطور أكتبها في أي موضوع , آخر من أرغب أن تقع عيناي عليهم ,

منذ فترة وتلك الفكرة تلحُّ عليّ ... أدركت أن هناك العديد والعديد من الأشياء التي تحيا داخلي كأسرار لا يمكنني البوح بها لأي شخص أياً كان طالما حييت , ولكني أتمني أن يعلمها (أصحاب الشأن) بعد موتي ... أتمني أن أترك لهم ولو قصاصة من الورق أخبرهم فيها بما أخفيته عنهم ... لا أدري أين أخفيها (بحيث لا يمكن لأحد أن يعثر عليها أثناء حياتي , وفي نفس الوقت تكون مغرية لهم لقراءتها بعد مماتي !!) ... هل بكل بساطة أطلب من كل من يعرفني أن يقرأوا كل وريقاتي المبعثرة مهما كانت تافهة .... هل يمكن لتلك الكلمات أن تذكّرهم بي أو تجعلهم يفهمواْ ما عجزوا عن فهمه طوال عمري .... هل يدركون أن كل كلمة كتبتها حملت معها جزءاً منّي حتي لو لم تشبهني .... هل يدركون أن قلمي كان أقدر علي التعبير عنّي من لساني ... ووريقاتي احتوتني أكثر من أي إنسان قابلته يوماً ما !!


كم من يومٍ مرَّ عليّ وأنا أتمني وجود من يحتضنني ويربت علي ظهري ليشعرني بالطمأنينة والأمان ... يشعرني أني لست وحدي , وأني لست مضطرة للتظاهر بالثبات والقوة ... كم تمنيت أن أجدَ من يفهم صمتي .... وكم رغبت أن أخبر الجميع أني لست تلك الفتاة القوية الصلبة دائماً , بل إني بعض الأحيان تعتصر قلبي الهشّ حساسيتي المفرطة ... بعض الأحيان أحتاج من يبادلني المساندة ... بعض الأحيان أنتظر كلمات معينة وافعال معيّنة ولكني دوماً لا أجدها

أتمني أن أمتلك الوقت الكافي لأكتب كل ما أريد قوله لكل من أعرفهم , وأتمني أن يجدوه يوماً ما ويقرأوه ليعلموا ما لم أستطع التعبير عنه من قبل , وما لا أرغب في أن يُدفَنَ معي للأبد

أدعو الله أن يجعل من يعرفوني يذكروني بالخير ويدعون لي بالهداية في حياتي و بالرحمة والمغفرة بعد موتي ... وأدعوا الله أن يسامحوني علي ما قلت أو فعلت ويؤاخذوني إن لم أستطع الاعتذار منهم شفاهةً وآثرت الاعتذار بين طيّات سطوري ... وأرجوا أن ينسوني سريعاً حتي لا يتسبب فراقي في الألم لأي شخص

فدوى نزار