Wednesday, December 17, 2014

لا حياءَ في السِنّ

بالفعل , لقد بلغت اليومَ من الكِبَرِ عِتِيّا

لا أدري تحديداً سبب خجل البعض من التصريح بأعمارهم الحقيقية , رغم ما تعنيه زيادة سنوات العُمر من نُضج وتجارب وخبرات ومواقف متنوعة ودروس حياتية , فالإنسان ما هو إلا نتاج الأيام المتوالية التي يحياها بكل ما تحمله من مشاعر وانفعالات وصعوبات وعثرات ونجاحات وإحباطات وتحديات ... وكلما مَرّ العُمر كلما تم صَقل الإنسان وتشكيله وصياغته

بلغت عامي التاسع والعشرين , ولا أدري - بالطبع - كم بقي لي من الزمن في هذا العالم , علي الأرجح لم يعُد بالعُمر أكثر مما مضى ... لا أملك تقييم تجربتي لأن الحُكم علي عَمَلٍ ما يكون للجماهير وليس للمشاركين في العَمَل أنفسهم , جَلّ ما أستطيعه محاولة التجويد والتحسين والتَعَلُّم كي أجعَل عَمَلي أفضل بشكلٍ يُرضيني بالدرجة الأولى

ولا أرغب في تحليل التفاصيل المحيطة بي أو سرد حكايتي علي مدار ال 29 عام .. لأني علي يقين تام أن لكل إنسان علي وجه الأرض قصة ولا مجال لحصر وتوثيق قصص ملايين البشر علي وجه البسيطة , بل كُلٌ يأخُذُ روايتَه معه تحت الثرى , ولن أشرع في وَعظ الآخرين كي يجعلوا حياتهم لهدف معين أو تركِ أثرٍ معين لأنه ليس بالضرورة أن أكون عالِماً أو أترك للبشرية اختراعاً أو اكتشافاً كي تصبِحَ حياتي مؤثرة ... فأنا شخصياً تأثرت وأتأثر يومياً بابتسامة شخصٍ ما في وقتٍ عبس فيه الجميع , وبالتالي فهذا الشخص له من الأثر لدى ما يفوق أعظم مخترعي البشرية .... أقل فعل أو قول في يومٍ عادىّ يؤثر في البشرية

الغريب, أن بعض سنين العُمر تكون أطول , وأبطأ في المرور , وأقسي في دروسها , وأكثر إيلاماً من غيرها ... 2014 بالنسبة لي  أحد هذه الأعوام ... وكأني عشت فيه عُمراً بأكلمه .. عانيت درجةً من الحُزن لم أعتقد أنها توجد من الأساس , جرّبت عملياً معنى أن يؤثّر الألم النفسي علي روح وبدن الإنسان , أدركت أن مقولة "وجع القلب" حقيقية جداً فالحزن يمكن أن يعتصر - حَرفياً - قلب المرء , وأيقنت أن هناك بعض الحالات يفقد فيها المرء السيطرة حتي علي عقله مهما كانت إرادته حديدية ... جرّبت معنى أن يقف المرء عاجزاً أمام موقِفٍ قد يكون سبباً في قلب حياته رأساً علي عقب , ولكن لا يملك له رداً أو منعاً .. رأيت بنفسي أن القيام بشيء ما بنيّة الخير والإصلاح قد يُفهَمُ خطأً بل وقد تُعاقَب عليه بقسوة من كل الأطراف المعنية ... عانيت من صراع عقلي الرافض للاستسلام لحالتي النفسية , وأطرافي التي تأبى التحرّك وكأنها مشلولة لا تقوى علي حملي .. وجدت أن كل طاقات السعادة والتفاؤل يمكن أن تنهارَ فوراً أمامَ شعورٍ واحِدٍ كالفراق ... وأحمد الله أن كانت لدىّ تلك الطاقات كحائط صدٍ مبدأيّ في مواجهة تلك العاصفة العارمة , فبدون الرصيد الكافي من الطاقة الإيجابية لم أكن لأحتمل آثارها , ففي لحظة ما ظننت - حرفياً - أن الحُزن سيقتلني , وأني يوماً ما سأغمض عينيّ للأبد من كثرة ذرفها لدموعٍ تحمل مزيجاً من الألم والعجز والخوف  والندم والترقُّب .... لكن شاء الله أن أعاننى علي الاحتمال, رغم خوفي الحاليّ من موجةٍ جديدة ستأتي بعد نفاد كل الطاقات وهزال كل الجوارح , وكل ما أخشاه - وأتوقعه - أن يتحجر القلب وتجف العيون فيتحول الجسد إلي آلةٍ بلا روح , ويصبح العالَم فاقداً لأسباب البقاء

بالفعل , يمكن في عامٍ واحِدٍ فقط أن يُصبِحَ الشابُ كهلاً 

فدوى نزار



Wednesday, November 26, 2014

الطاقة المُستَنفَدة


لا أقوى علي فعل شيء ... حتي التحدُّث إلى الآخرين أصبح مشقة لا أرغب في خوضها ... أتمنى الانعزال التام عن العالم , حيث لا توجد مهام ولا مسئوليات ولا التزامات أو إجبار علي أي شيء من أي نوع ... لا أضطر لرسم بسمة لا أشعر بها ولا مجاملة لا أعنيها أو لقاء أشخاص لا أريد أن أراهم أو تقّبُّل كلام ما من أحد لا يمثل لي أدنى أهمية

كل تفاصيل الحياة أصبحت مُرهِقة , كل المواقف اليومية خانقة , وكل المحيطين لا يفهمون ولا يُقَدّرون ... لا أدري تحديداً ما يضير الآخرين في إعطاء إنسان ما حقه في فترة من السكون والسلام النفسي .. لِمَ لا يملك الفرد القدرة علي تحديد نطاقٍ ما لايمكن لأحد اختراقه أو حتى الاقتراب منه

حين أصل لتلك المرحلة , لا أرغب إلا في الوحدة ... الابتعاد عن كل ضوضاء هذا العالَم وكل تعقيداته وضغائنه وسوء ظنه وظلمه وسرعته وضغوطه ... أكون معي فقط , لا أسمع أحداً ولا أتكلّم مع أحد , أختار ما أرغب فعلا في عمله وقتما أشاء , لا يُنتَظَر مني إرضاء الجميع علي حساب نفسي , ولا يغضب مني أحد - دون مبرر منطقي - لمجرد أن قلت ما أشعر به دون ترقيع .. لكن حتي حرية الانفراد بالنفس غير مكفولة وأمل الابتعاد أصبح مستحيلاً وحُجة الرفض واهية وكاذبة

حقاً سئمت واستُنفِدَت كل طاقاتي وأصبحت غير قادرة على التحمُّل لا بدنياً ولا نفسياً .. ولا أدري متى تهدأ نبضات قلبي المتسارعة لأنى أنهكتنى ملاحقتها

يا الله .. ليس لها من دونك كاشفة

فدوى نزار

Saturday, April 12, 2014

الزواج ... بعد تفكيرِ عميق

زمان , ماكنتش بحب أتكلم عن موقفي من الزواج , ليه ؟ لأني عارفة إنه موضوع ممكن تغيير الرأي بخصوصه طبقاً للمرحلة العمرية ومدى النُضج والتجارب الحياتية ... يعني, كل وقت ممكن يؤدي إلي وجهة نظر مختلفة .... ليه دلوقتي قررت أكتب عنه بحرية (مؤخراً يعني) ؟ ببساطة لأني وصلت لمرحلة الثقة في رأيي ... أصبح موقفي راسخ وقوي وصعب التغيير حتي في المراحل القادمة من عمري , إن كان ليا عمر

يمكن أي قرار مصيري في الحياة بيبقي صعب , ومحتاج تفكير وتحليل وتدقيق , ودة فعلا اللي حصل ... السؤال المبدأي , ليه البنت "مفروض" تتجوز ؟ 
 1-    عشان أهلها مش باقيين لها !! ... طيب ما ممكن تتجوز وجوزها نفسه يموت ويكون مش باقيلها هوة كمان , ويا سلام لو كانت خلّفت منه , يبقي مات وساب لها العيال كمان تشيل مسئوليتهم , دة غير إن بدل ما تحزن علي أهلها بس هاتحزن علي جوزها كمان
2- عشان يبقي عندها "راجل" يشيل مسئوليتها !!... الأيام دي البنت بعون الله شايلة مسئولية نفسها كويس جداً ولم يعد وجود "الراجل" مسألة حياة أو موت بالنسبة لها بالعكس دة الزوج ما هو إلا مسئولية جديدة تضاف علي قائمة المسئوليات اللي البنت هاتشيلها , البيت والعيال والزوج والشغل 
3- عشان ما تفضلش طول عمرها وحيدة !! ... بيتهيألي وحيدة وبالها مرتاح أحسن من إنها تعيش مع واحد ممكن يحول حياتها لجحيم مقيم وتقضي عمرها خناقات ومشاحنات ووجع دماغ
4- الكينج بقي , اتجوزي عشان تبقي أم !! ... سبب كوميدي الحقيقة , ببساطة لأن ممكن ربنا مايرزقش البنت بنعمة الخلفة , ويبقي ساعتها أخدت مقلب العمر , اتسجنت مؤبد مع واحد كان بالنسبة ليها مجرد جهاز تفريخ , والمؤبد هنا مش 25 سنة لأ , دة طول العمر لحد ما واحد منهم ييجي أجله
5- هايفسّحك ويوريكي الدنيا !! ... لأ معلش , دة أنا لما هاحب أشوف الدنيا لازم أستأذنه , وهوة يرفض أو يقبل (حقه طبعا) بس ممكن يرفض بدون أي سبب مقنع , ومش بس يرفض ييجي معايا لأ دة يرفض إني أخرج أو أسافر, أو هايوافق ويفضل كل 3 دقايق يتصل روحتي فين وجيتي منين واتأخرتي ليه ... بالإضافة لأن برضه الزمن دة البنات منغير ما تتجوز بتخرج وتتفسح وتشوف الدنيا ... بالعكس دة الجواز هو نهاية مرحلة الفسح بالنسبة للبنت
6- الجواز سنة الحياة !! ... مين اللي حط السُنن الحياتية دي ؟  إحنا , البشر , يعني رسمنا خطوط وأجبرنا أنفسنا علي المشي عليها بحذافيرها
7- الجواز نص الدين !! ... بالنسبة لي مستعدة أعمل علي تحسين النص الأولاني ولما (بفضل الله) أصل للتقوى والاستقامة والهداية من عند ربنا أبقي وقتها أحس إن النص الأول اكتمل وباقي النص التاني (دة بالإضافة لأني مش مقتنعة إطلاقا بالمقولة دي) مفيش حاجة أبدا ممكن تكون نص دين لأي حد
8- اتجوزي عشان نفرح بيكي !! ... أكيد نفسي أفرّح أهلي بكل الطرق الممكنة , لكن مش عشان هما يفرحوا ليلة أنا يتنكّد عليا بقية حياتي

طيب بلاش أسباب الزواج , خليني أفكر في مواصفات الزوج المناسب 
1- شكله حلو ( دي مش رقم واحد بس هامشيها واحد يعني) .. طيب ما ممكن تحصل له حادثة ويتشوه
2- غني ... الأيام دي مفيش أي حاجة مستقرة , ممكن يفلس الصبح
3- جدع ... للأسف الجدعنة دي مسألة نسبية , ممكن يكون جدع مع الناس كلها ويستندل معايا علي أساس إن زيتنا في دقيقنا
4- ابن ناس ... مش بالضرورة إنه يكون كويس لمجرد إن أهله كويسين , يخلق من ظهر العالم فاسد والعكس
5- متفهم ومتفتح ... سبحان مغير الأحوال , في لحظة ممكن الحاجات اللي كان فاهمها ومتقبلها , تتحول لوقود كل الحرائق الأسرية القادمة
6- ذكي ومتعلم تعليم عالي ... غالباً الولد دة هايبقي عايز يتجوز بنت ذكية ومتعلمة برضه , وبالتالي هايبقي بينهم صراع أزلي لو حس أو تخيل إن نجاحها بيزيد وممكن يطغى علي نجاحه , وهاتبدأ مرحلة تثبيط العزائم وبيتك أولي بيكي وإيه لازمة الشهادات والمذاكرة 

كدة التفكير مش هايخلص , وكل الأسباب والمبررات اللي بيقودها المجتمع عشان يحاول يوضح ضرورة الزواج ما هي إلا حجج واهية وأسباب غير مقنعة ولا منطقية ومجرد كلام فارغ ليس له أي أساس من الصحة

إذاً .. هل الزواج كمبدأ مرفوض من أساسه وتجربة فاشلة بكل المقاييس ؟ ... لأ طبعاً , لأن كل إنسان تختلف آراؤه وتوجهاته عن الآخرين وبالتالي ممكن ناس تقتنع بكل الأسباب السابقة وتحيا سعيدة ... لكن بالنسبة لي , السبب الوحيد اللي ممكن يؤدي لأني أُقبل علي خطوة الزواج هو فقط "الحُب" .. الحُب هو ما يجعل كل مصاعب الحياة تهون , يجعل عيوب كل الأطراف غير مرئية ... الحب وحده يكفي لجعل العالم أجمل

باختصار , وبعد أكثر من ربع قرن حياة في هذا العالم , وبعد كل لقاءات الصالونات أو حتي المطابخ , أدركت نهاية واحدة بسيطة جداً, أني لو لم أحب , فلن أتزوج

للعلم رقم واحد في صفات العريس بلا منازع هي التدين ... وهي رقم واحد في الحب كمان , مش هأتمن حد أو أثق في إنه بيحبني لو ما كانش بيحب ربنا وحريص علي دينه

فدوى نزار