Sunday, March 16, 2008

حين تحزن ... فيمن تفكر لأول وهلة ؟؟؟


هل مرت بك من قبل فترة خيم فيها الحزن علي أيامك .. وشعرت بكل صدق بالرغبة في التوقف عن كل شيء تعودت فعله وتبقي هكذا دون أي هدف ودون أي أحداث جديدة في حياتك الفانية ...
هل شعرت برغبة جامحة في الهروب من سجن الحياة والتحرر من قيودها القاسية .. والخروج إلي عالم آخر لا تعرف فيه أحد ولا يعرفك أحد .. عالم لا يُطلَب منك فيه مراعاة الآخرين ولا التنازل عن أفكارك لإرضائهم ..,
هل تمنيت لو لم تولد في هذا المناخ الخانق من الحسابات التي نضعها في رءوسنا قبل الإقدام علي أي تصرف في أي مجال .
هل تمنيت الوجود في عالم خاص بك وحدك لا يشاركك فيه أحد , ولا تتحمل فيه أي مسئوليات أو ضغوط أو تدخل من الآخرين .

إذا كانت إجابتك نعم .. فالتفسير اللغوي الوحيد لما تشعر به هو كلمة جافة غير معبرة تسمي بكل بساطة وتسطيح بالحزن .. تلك الصفة التي كادت تنضم عن جدارة واستحقاق إلي أرواحنا لتصبح فردا أساسيا في عالمنا .
السؤال هنا .. ماذا تفعل حين تحزن ؟؟ أعتقد أن أول شخص نفكر فيه أوقات حزننا هو من نحب .. سواء صديق أو أخ أو أيا كان من نحب ... نفكر فيهم لأنهم مَن يمكننا البكاء علي صدورهم والاستماع لنصائحهم .. لأنهم فقط مَن يمكننا ائتمانهم علي اسرارنا ومشاعرنا .. لأنهم من يمكنهم احتوائنا في أعنف مراحل ثورتنا .

ولكن المشكلة القصوى في تلك الأوقات .. هي أننا حين نفكر فيمن نحب لكي نشكو لهم .. نجد أنفسنا نرفض بشدة التحدث إليهم لأننا لا نريد تحميلهم هموما فوق همومهم ... ولا نريد شغل رءوسهم بالتفكير في مشاكلنا وضغوطنا ,
وكنتيجة لهذا .. نجد أنفسنا نحتفظ بأحزاننا لأنفسنا وندفنها مع أخواتها في بئر عميق من المعاناة التي تنتظر أي فرصة لتتفجّر علي أي شكل وفي أي شخص .

والمأساة الحقيقية هو أنه كلما زادت الأحزان زاد معها إحساسنا بالاختناق .. ورغبتنا في الخلاص الأبدي من تلك المعركة المحسومة ضدنا من البداية .

وللعلم ... قد نجد بعض المواساة عند الحبيب الوحيد الذي يدعونا لكي نشكو له .. ويثبتنا علي ما يقتلنا من مشاعر ... هذا الحبيب الذي تطمئن بذكره القلوب .. الحبيب الأقوي من كل كيد , والأقرب من كل فرد , والراد لكل ضرر , والحامي من كل شر .. حبيبنا الأوحد الذي ليس لنا سواه .. الله

عسي أن يمنحنا الصبر علي ما بُلينا به .. ويعيننا علي الاحتمال .. ويسرّع خلاصَنا , ويريحنا من أحزاننا.
فحين تحزن .. فكر فيمن وسعت رحمته كل شيء.

فدوى نزار
http://one--all.blogspot.com

Thursday, March 6, 2008

بين الشعور والاحتراف

بالنسبة لي .. الحزن هو أقوى محرّك للقلم , وكذلك الظلم والألم والفراق وما إلي ذلك من مشاعر سلبية .. ولهذا فإنني لا أحبذ تسميتها بالسلبية لأنها هي الفترات الأزهي من حيث الإنتاج الفكري وبالتالي هي وسيلة الإنقاذ من ظلمة الركود التي قد يمر بها القلم .
بالطبع لا أقصد أن يُجبر الإنسان نفسه علي الدخول في طور المعاناة كي يظل قلمه ينبض بالحروف .., ولكني فقط أدّعي أن الإنسان لايشعر بالرغبة في الكتابة حين يكون سعيدا لأن السعادة تظهر وحدها دون الحاجة للتعبير عنها بينما الحزن لا يقدر علي تكسير حاجز الصمت وبالتالي يبقي داخل الإنسان منتظراً أي فرصة للخروج من محبسه .. ولأننا اعتدنا علي الصمت في مواجهة أحزاننا وعدم بثّها للآخرين فإن الفرصة الوحيدة للترويح عن النفس هي الكتابة ..
من واقع تجربتي مع قلمي .. فإني حين أحزن أمسك ورقتي البيضاء ولا أتركها إلا غابة من السطور .. و أحيانا لا أعرف حتي ماذا كتبت إلا حين انتهائي من الكتابة وشروعي في قراءة تلك السطور التي قد لا تعبر عن حزني ولكنها تستنفد طاقاتي وتطفيء براكين الحزن التي تثور في نفسي ,
بينما حين أشعر بالسعادة يتحول شغفي بالكلمات إلي عملية ميكانيكية فأكتب لمجرد الكتابة أو لأنني اعتدت عليها .. فكأنني أضغط أحد الأزرار التي تجعلني أكتب بغض النظر عما أشعر به , وأحيانا أيضا أكتب بغرض التواصل , أو الرغبة في تنشيط قدراتي التعبيرية , أو حتي الهروب من التفكير فيما يشغلني .
المهم حقا هو كون الكتابة عامل مشترك في كل الأوقات .. ولكن ما يختلف هو تأثيرها علي الكاتب ..
والأهم أن يملك الكاتب القدرة علي توصيل فكرته للآخرين سواء كان يشعر بها فعلا أو كانت مجرد أحبار في مفكرته وتجارب لم يمر بها قط .. وتخرج رغم هذا .. كقيد فولاذي يأسر ألباب ومشاعر القارئ .. ويجعله يتعاطف مع كل حرف فيما يقرأ .. ويُدخله في عالم يظن أنه وحده من يعيش فيه .. وأن تلك الكلمات كُتبت خصيصا من أجله .. وينتهي من القراءة وهو يجزم أن الكاتب لابد وأن مر بهذه التجربة .. ظناً منه بأن مثل هذا الوصف لا يأتي إلا من معايشة فعلية لموقف مؤثر .. ناسيا أن الكاتب بعد مرحلة معينة قد يصل للاحتراف مما يجعل الكتابة باقتدار إحدي تفاصيل شخصيته بغض النظر عن مروره بمؤثرات خارجية أو حياكته للقصة من بدايتها لنهايتها من نسج خياله .


فدوى نزار