Thursday, April 3, 2008

لو كانت الوحدة رجلا...

أحيانا "مش عارفة إيه كلمة أحيانا دي .. كتيير جدا ببدأ كلامي بيها وكأن اللغة العربية مافيهاش غير كلمة أحيانا المهم ماعلينا"

أحيانا يخيم علي الإنسان شعور مؤلم بالوحدة رغم وجوده الدائم بين أهله وأصدقائه ومعارفه .. يشعر بأنه بمفرده في هذا العالم الواسع .. الذي يزيد من إحساسه بالوحشة .. وكأنه يسبح بمفرده في تيهٍ مظلمٍ قاسٍ لا روحَ فيه ...ويظل يصارع الدوامات الشرسة طوال تلك المرحلة من عمره , مما ينهكه ويدفعه للاستسلام وانتظار قَدَره المحتوم الذي قد يحمل معه الخلاص.
يشعر الإنسان بدورانه في حلقة لانهائية من الأحزان التي تعتصر كل جوارحه ..وما يُدمي قلبه حقا هو أن يجد نفسه بعد كل هذا العمر وكل تلك العلاقات والصداقات .. يجد نفسه مايزال وحيدا لا يجد من يحتويه في ألمه ويخفف عنه وطأة وحدته .
وما يضخِّم المأساة , وقوع هذا الشخص أثناء مروره بتلك الفترة في ظروف من الوحدة الفعلية .. لأي سبب أو ظرف .. فيجد نفسه وحيدا معنويا وفعليا .. فلايجد من يقف إلي جواره وقت محنه .. ولايجد من يستمع إليه وينصحه .. ولايجد حتي من يهتم به ولو حتي علي سبيل المجاملة .. فيشعر إلي جانب الوحدة بالإهمال وعدم اكتراث الآخرين بوجوده .. يشعر أنه قد يأتي يوم يرحل فيه عن الدنيا دون أن يشعر به أحد أو يفتقده أحد .. يشعر تدريجيا بفقدان الحياة لقيمتها ومعناها .. وتبدأ رأسه تعصف بالأسئلة المُحيِّرة .. لِمَ أهتم بمن حولي إذا كانوا هم لا يكترثون حتي للسؤال عليّ .. لم ألتمس لهم الأعذار ولايوجد بينهم من يغض البصر عن سهوي ... لم أشعر بالقلق عليهم والاشتياق لهم ويبحثون هم عن المبررات لتَركي والابتعاد عني .. لم أشعر بكل تلك المعاناة ويعتقدون أني في ترفٍ من العيش .. بل والأكثر يعتقدون أني قادرة علي التحمل والاستمرار مما يشجعهم علي زيادة آلامي ومعاناتي .. لم يهون عليهم جَرحي ولا يقبلون مني العتاب .. ولم يعتقدون أني سأصبر علي قسوتهم إلي الأبد ؟؟!! ... والملايين من الأسئلة اللانهائية والتي يبتر استمرارها الشعور باللاجدوي .. وأن البحث عن إجاباتها مجرد محاولة عَبَثية ستنتهي حتما بالجنون.
وبعد أن تخور كل القُوي .. وتفشل كل خطط المقاومة .. تأخذ المحاولات المُضنية هذا الإنسان الوحيد إلي عالم الانزواء عن الآخرين واعتزال كل مظاهر التفاعل مع الحياة .. ويُجَسِّد لنفسه هذا العالم من الوحدة الذي عاشه من قبل داخليا , لتصبح الوحدة عالما فعليا من اختياره بعد أن كان مفروضا عليه.
وتبدأ مشاعره في التقلُّب .. ويتحول حبه للآخرين إلي قسوة ولوم وغضب ..ورغبة في رد مواقفهم تجاهه بنفس القدر من الظُلم .. ولكن يبقي أصعب سؤال في حياته .. هل سيتمكن من رد الإساءة بمثلها .. وهل سَيَهونُ عليه من يحب مثلما هان هو عليهم .. هل سيهملهم كما أهملوه .. وينساهم كما نسوه .. هل يتجاهل وجودهم في حياته كما أنكروا وجوده في حياتهم .. أم سيبقي كما هو .. يلتمس لهم الأعذار ويحبهم ويهتم لأمرهم ... ويقبل أن يتجرّع العذابَ لآخر يومٍ في عمره المؤلم ...
ما أقسي الشعور بالوحدة وسط عالمٍ ينبض بالحياة الصاخبة .. ما أصعب أن يشعر المرء بالغُربة في منزله .. وما أصعب أن يأتي يوم لا يجد فيه من يسمعه سوي جدران هذا المنزل الخاوي الموحش ..
لَيتَ تلك الوحدة رجلاً ... كنت سأحاول قتله .. لكني للأسف أعلم أني كنت لأفشل في محاولتي .. لأني لم أستطع يوما أن أرد الإساءة بمثلها .

فدوى نزار

1 comment:

Mostafa Elzaher said...

السلام عليكم
للاسف الوحده احساس و ليست رجلا و بالتالى لا تستطيعين ان تقتليها . لكن الحلول موجوده . اصدقائك . هم اقوى هجوم على الوحده " ذلك الظلام الدامس الذى يخيم عليكى " . و كما ذكرت سابقا . اذا كان الظلام حالكا ف شعاع واحد من الضوء يكفى للخلاص من الظلام
One Single Ray of Light can finish off the darkness