Monday, August 20, 2012

الحُبّ ... عَبرَ الأَثير !!


لِمَ لا ... فالعالَمُ الآن أصبَحَ افتراضياً بكُلِّ الطُرُق ... المشاعرُ والأفكار والكلمات والأحلام والأخلاق وحتي الفضائح صارت مجرَّد مواضيع يتم تناقلها والعَبَثُ بها عبر صفحات مواقع التواصل "الاجتماعي" ... حتي الحياة "الاجتماعية" صارت "مادة" تلتقفُها "الشبكات العنكبوتية" وتنسِجُ حولها خيوطَ الجفاء حتي تتسمم المعاني الراقية داخلنا وتُقتَل أمام الشاشات الساحرة المُضيئة

 يقولُ الفَتَى (عبر أحد برامج المحادثة "التشات") : حرف آى , أقل من ثلاثة , حرف يو - في إشارةٍ منه إلي أنه يحبّها


فترُدّ الفتاة (عبر برنامج ليس بالضرورة نفس ما يستعمله فتاها) : نقطتين فوق بعض , دولار ساين - دلالة علي الحياء وحُمرة الخَجَل 
 :$
  فينتهِز الفتى الفرصة الذهبية ويتقدم بأروع طلب زواج في العالم ويقول في لحظةٍ حالمة تلك الجُملة الخالدة
would u marry me ?
: فترد الفتاة - بنفس الخجل السابق مضافاً إليه بعض السعادة الواضحة المتمثلة في نقطتين فوق بعض وقوس أيمن
yeah sure :) :$

ويستمر الحوار الرومانسي الدافئ عبرَ الأثير إلي أن يتم الزواج (الذي لم تتم معالجته افتراضياً بعد) ولكن علي الأقل فقد تمت الدعوة له من خلال "إيفينت" علي الفيس بوك وسط مباركات وأمنيات "الفريندز والفاميلي" بزواج سعيد وعُمْر مديد وهاني موون في مكان جديد

وهنا تبدأ "صدمة" الحياة الواقعية .... فقد تم فجأة استبدال صورة "البروفايل" الجميلة لكليهما بوجهين حقيقيين متحركين ينفعلان غَضَباً وفَرَحاً وسعادةً وعَصَبيةً واشمئزازاً ... وبدلاً من الحروف المكتوبة بتَنسيقٍ مُلفِت وألوانٍ مُريحةٍ وجاذبة , أصبَحَت هناك أصوات رقيقة حانية أو عالية حانقة ساخطة مُرعِبة لا يمكن تنسيقَها حالَ خروجِها من فم قائلِها ولا استرجاعها أو مسحها حال اختراقِها آذان مُتَلَقّيها ... أصبح هناك واقع ملموس وحوائط تجمعهما , بينما كانت علاقتهما في السابق أوهاماً وقصص حبّ نسَجَها خيالُ كُلٍّ منهما كما يريد , ولم يكن لارتباطِهِما حدود , فالفضاءُ كلّه مِلكُ لأحلامِهما تتنَقَّلُ فيه كيف شاءت وتراه عبر شاشةٍ مُلَوَّنة لا مكانَ فيها للسواد المُحتَمَل أو البياض المَنشُود

فدوى نزار

No comments: