Saturday, December 5, 2009

كلٌ مُيَسّرٌ لما خُلِقَ له

للمرة الأولي أتوقف عند تلك المقولة , وأفكر فيها بالطبع سمعتها بل ورددتها أكثر من مرة وفي عدة مواقف , لكني لم أفكر من قبل في معناها أو تأثيرها أو حتي في كونها حقيقة أم مجرد جملة نهوّن بها علي أنفسنا ونبرر بها تضارب الطرقات التي نسير فيها.
اليوم فقط أدركت سبب حدوث بعض الأمور المنافية لأحلامي أو أهدافي ... أحيانا يفكّر المرء في اتجاه معين يرغب في سلكه , لكنه يفاجأ باضطراره رغما عنه للسير في اتجاه آخر معاكس تماما لآماله .... وأحيانا , أو بالأحري غالبا ما يُفاجأ هذا الشخص بأن الطريق غير المُتَوَقّع بالنسبة له , هو الأفضل والأكثر ملاءمة بل والأفيد ... وأن الله عز وجل يسر له مافيه الخير
وقد لا يدرك هذا الشخص أن الخيرة فيما اختاره الله له بسبب كون نظرة الإنسان محدودة وقاصرة علي قدر معرفته الضئيلة ... بينما يعلم الله عز وجل كل خفايا وتفاصيل الكون حاضره وماضيه ومستقبله ... وبالتالي , ولأن الله تعالى هو المُتحَكِّم فيما خلق , فقد خلق الله كل فرد لكي يقوم بوظيفة محددة ويساهم بدورٍ معين في هذا العالم , ولذلك فهو _سبحانه_ يمهّد لكل شخص الطريق الذي يُفتَرَض له أن يبرع فيه بما يعود بالنفع عليه وعلي غيره.
بالنسبة لتجربتي الشخصية ... كثيرا ما يسَّر الله لي بعض الأمور التي اعتقدت حينها أنها تحطيم لأحلامي و نهاية لسعيي الدءوب , لكني أدركت بعدها أن هذا في الواقع هو ماكنت أتمني عمله , وأشكر الله علي وضعي في ذلك الطريق وانتشالي من الطرق الأخري التي كنت أفكر فيها
والآن ... بينما أسير في أحد هذه الطرق التي مازلت أرفضها ولا أتصور أني أسير فيها ... بل وأرغب بكل جوارحي أن أتركها وأعود من حيث أتيت لكي أسلك الطريق الذي خططت له ورغبت فيه وتمنيت الوصول لنهايته ... الآن ... أثناء سيري في طريق أكره كل تفاصيله ولا أري سوي عثراته ومساوئه , ولا اقابل فيه سوي أعداء النجاح والراغبين في تحطيمي وتثبيط عزيمتي ....
الآن وكل أنفاسي تدعوني للنجاة بما بقي لي من إرادة والخروج بأي شكل من تلك الهوّة التي دفعتني إليها بعض الظروف الظالمة .... الآن ورؤيتي المحدودة لعالمي تدفعني
للغضب علي كل شيء من حولي , والتساؤل عن سبب تحطيم كل آمالي الواحد تلو الآخر بكل قسوة وعنف رغم محاولاتي المستميتة للصمود والاستمرار والسعي دفاعا عن تلك الآمال ... الآن وكل ما أفكر فيه هو أني أقوى من كل تلك الظروف وهؤلاء الأشخاص , وأني لن استسلم لمحاولاتهم الفاشلة في منعي من النجاح ... الآن فقط أقف لأقول لنفسي أن الله دائما ما أعانني في كل مراحل حياتي ... ودائما ما جعل لي الخير في كل طريق أسلكه حتي لو خالف هذا الطريق توقعاتي ....
الآن , وبالأمس , وغدا ... أعلم أن الله أعطاني القوة والقدرة علي المواجهة ... وأنني بمشيئة الله قادرة علي التميُّز في كل مجال أخوضه ... وأنه مهما طال الوقت ومهما صعب الوصول فإني حتما سأصل للقمة وسأنظر منها لكل من حاول إعاقتي وأذكّرهم
بقوله تعالي" إن ينصركم الله فلا غالب لكم " وبعد وصولي لنهاية ذلك الطريق ونجاحي فيه _بإذن الله_ سأدرك مرة أخري أن الخيرة فيما اختاره الله , وأن الله عز وجل يسّر لي نِعمَ الطريق , وساندني وأعانني ونصرني علي كل العقبات وإلي أن يتحقق هذا , فإني أحمد الله علي كل شيء , وأتمني أن يعينني علي شكره علي نعمه التي لا تُحصي ... ويغفر لي رؤيتي البشرية المحدودة , وضيق صدري بما يحدث لي حاليا .. وأسأله أن يلهمني الصبر علي صغائر الأمور ويقوّيني علي احتمال ضعاف النفوس وفاقدى الضمير من بني البشر اللهم لك الحمدكما ينبغي لجلال وجهك وواسع قدرتك وعظيم سلطانك


فدوى نزار

4 comments:

الطائر التركي said...

طيب ايه رأيك في ده
سَوَابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدارِ.
مكلكعه صح :)

لا بجد المعني اللي عاوز يوصله مقالك جميل جدا ويفتقده الكثير لذلك فهو في غاية الاهمية
بس بشرط :) لا يقل اهمية من المقال وهو
اللا يكون هذا المعني خطوة لموت الهمه

Dr Mido said...
This comment has been removed by the author.
Shadowless_Sword said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا (كل ميسير لما خلق له) دا حديث شريف عن الرسول عليه الصلاة والسلام وليست مجرد مقولة انما هي مقولة من جوامع الكلم فقد أوتي الرسول عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم كما صح عنه عليه الصلاة والسلام
ثانيا على الرغم من أن كلمة (سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار) هي كلمة لها معاني كثيرة وهي من الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري وهو من أئمة الصوفية غفر الله لنا وله ونفعنا بما وصل إليه إلا أنني لا أحب مقارنة هذه الجملة (مع احترامي لها بالطبع) بحديث للرسول عليه صلوات الله وتسليماته
وأخيرا ربنا يوفقنا جميعا إلى كل خير آمين آمين

الطائر التركي said...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اولا تحياتي لك أ.Shadowless_Sword
كلامك حضرتك معتبر وصحيح إلا فيما يخص المقارنة، فالا ان ولا احد من المخلوقات يجراء علي ان يقارن كلام سيد الخلق --صلوت ربي عليه-- بكلام اي مخلوق

:) يشرفنى التعرف على حضرتك
وربنا يفتح علينا فتوح العارفين به