Sunday, December 27, 2009

عام آخر يمضي

2009

ذلك العام الذي نقترب حثيثا من نهايته ... العام الذي لم يبقي منه سوى بعض الأيام القليلة والتي أشعر أنها من أطول أيام حياتي .

بالأمس فقط كنت أعزف عن الكتابة لأسباب نفسية , لم أكن أرغب حتي في الإمساك بقلمي , رغم علي بل إدراكي أن الكتابة هي الملاذ الوحيد الآمن من ملل تفاصيل حياتي الحالية ... لكني لم أشأ أن أكتب .. ابتعدت عن سطوري رفضا مني لأن أذرف مشاعري علي صفحاتها.

لكن ... لم أستطع منع يدي من الامتداد للقلم ... لم أستطع منع رأسي من التفكير في الكتابة ... ولم أستطع ترك هذا العام _تحديدا_ يمضي هكذا دون أن أُعلّق عليه.

2009

لا أنكر أن هذا العام من أكثر سنين عمري ثراءً ... فيه اكتشفت الكثير عن هذا العالم المتقلّب ... قابلت أشخاصا لم أعرف مثلهم من قبل , فلو كانت معرفة الناس كنوز كما يقال , فقد لا يقوى جسدى علي حمل هذا الكم الرائع من الكنوز الحقيقية التي أستطيع بمجرد النظر لظاهرها إدراك باطنها من شدة نقائها , تعلّمت الكثير _جدا_ سواء أكاديمياً أو عن الحياة بصفة عامة ... تحمّلت أنواعا جديدة من المسئولية , خضت تجارب مختلفة عن سابقاتها , زرت أماكن لم تطأها قدماي من قبل , وفعلت أشياء لم أُقدم عليها سابقا.

_ وبالطبع لن أنسي ذكر أني " اتقلبت بالبيتش باجى مع علا " _ لأن الموضوع دة علي غير المُتوَقَّع بيشعرني بالسعادة الغامرة معرفش ليه_

..... عام غريب !!! وسط أجمل لحظات حياتي بدأت أدرك بعض المعاني الجديدة التي لم أعيها من قبل .... مثل فقدان شخص عزيز وتعاملي لأول مرة مع فكرة الموت وتجربة صداها وتأثيرها _بوفاة جدتي رحمها الله_ , ولأن الحياة متقلّبة بطبعها فقد مررت أيضا بتجربة زواج أخي الوحيد وابتعاده نسبيا عن حياتنا .

واجهت العديد من العثرات .... صُدمت في أحلامي , وتغيرت وجهة نظري المتعلقة بالأهداف والطموح ... علمت أن الاجتهاد والعمل والسعي لن يوصلني بالضرورة لما أحلم به , بل علي العكس قد يفاجئني الواقع القاسي بتحطيم كل أحلامي وإجهاض محاولاتي العابثة للوصول لهدفي , بل والأكثر .. قد تسحبني دوّامته إلي طريق أرفض تماما السير فيه لأجد نفسي مُكرهة علي الاستسلام لأمواجه التي لا أملك إزاءها سوي الرضوخ للأمر الواقع وتجرُّع مرارة انهيار مبادئي حتي الثمالة في عالمٍ لا مجال فيه للأحلام ولا سبيل إلي تحقيقها .... عرفت عملياً معني الدوران في حلقة مفرغة , والشعور باللاجدوى ... واقتربت من أسباب أظنها أدّت إلي انهيارنا وتخلفنا .... رأيت أُناساً تسمح لهم جثث ضمائرهم بتخريب كل الأشياء المُبتَكَرة ومعاداة أي أمل في التغيير للأفضل ... شاهدت بعيني جهودي وهي تُسحَقُ تحت آلات الهدم البشرية المسيطرة علي معظم مواقع صنع القرار في عالمي المحدود .... مررت بفترة البطالة الإجبارية غير المبرَّرة والتي اعتقدت أن علاقتي بها ستكون فقط من خلال وسائل الإعلام التي ترصد أحوال الجيل, واعتقدت أن وصولي لتلك المرحلة من الإنجاز كفيلة بتحصيني ضد تلك البطالة , لكن هيهات !!! ... عرفت أن المسألة لا علاقة لها بالإنجازات ولا الاجتهاد ولا الشهادات ولا العقل ولا المعرفة ... لكنها فقط إحدى مظاهر التخلف الذي نمر به في كل المجالات ... مما يجعل المؤهلين من الشباب يفترشون مقاعد البطالة في انتظار من يستطيع فهم قدراتهم وتقبُّلها .... وخرجت من تلك الفترة المملة إلي ميدان العمل الذي قبلته علي مضد هرباً من معتقل البطالة الإجباري ,.... العمل الذي طالما حلمت أن أحبه وأعطي فيه بقدر رغبتي في تغيير العالم ... العمل الذي قذفني إليه إعصار الواقع رغما عني , والذي حاولت تقبُّله بكل ما أوتيت من قدرة علي الاحتمال ... لكني فشلت حتي الآن في أن أحبه , وتحوّلت إلي شخصية روتينية تؤدى عملها دون إحساس به أو رغبة فيه .. أصبحت "موظّفة" عادية تستيقظ كل يوم رغما عنها لتذهب إلي مكان لا تحبه وتقوم بعمل لاترغب في أدائه وبالتالي لا تحقق أياً من طموحاتها ولا تتعلّم ما تستطيع تعلّمه ولا تقتنع بجدوى وجودها في تلك المقبرة التي تواري كل قدراتها تحت ثرى الروتين والسلبية القاتلة

2009

عام آخر يمضي ... لا أستطيع أن أدّعي أنه عام حزين كما لا تسمح حالتي النفسية أن أعتبره عاما سعيداً.... لكنني بكل ثقة أستطيع أن أقول أني تعلّمت فيه أكثر من أي عامٍ سابق , فرحت بأجزائه السعيدة واستفدت من صدماته المؤلمة .... وساهم كثيرا _ومازال_ في تكويني وتشكيل نظرتي للحياة.

فدوى نزار


1 comment:

Me.Just Me said...

أشعر وكلأنك تتحدثين بلسان حالى
رشا